أي ترابط بين «المرسيدس» و«المورانو».. ومَن كان المستهدَف؟

martyr-abdekarimhodroj-father

والد الشهيد عبد الكريم حدرج يحمل شمعة خلال وقفة تضامنية أمس مع ضحايا الانفجار الإرهابي في ساحة الجريمة (محمد شرارة)

صحيفة السفير اللبنانية:
لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الثاني والثلاثين على التوالي.
العسكري المفقود عبد الكريم حدرج صار شهيداً، بعدما افتدى أرواح كثيرين بروحه. سطّر وحيد أبويه، ابن الواحد والعشرين ربيعاً، نموذجاً في الشجاعة مع زميله في الأمن العام علي جابر. حدسُ الصديقين كشف الانتحاري المربَك الذي أوقف سيارته في عرض الشارع. لم تقنعهما رواية المفتاح المكسور. أشهر حدرج مسدسه بوجه الانتحاري المختبئ في سيارة الموت، فيما سارع زميله إلى إعلام حاجز الجيش.
علق علي في الوسط، لم يصل إلى الحاجز ولم يعد إلى رفيقه، الذي أصرّ على خوض المعركة حتى النهاية.
المرجح، بحسب مسؤول رسمي، عدم وجود أي رابط بين موقوف فندق «نابليون» وتفجيري ضهر البيدر والطيونة، برغم تبني «كتائب عبدالله عزام» الأخيرَين، لكن فرضية الترابط بين سيارتي «المورانو» و«المرسيدس» باتت محورية في تحقيقات مخابرات الجيش وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي.
وفي انتظار كشف المزيد من الخيوط، برز تطور لافت للانتباه في قضية تفجير ضهر البيدر، إذ أن «داتا» الاتصالات التي تعمل عليها القوى الأمنية أظهرت وجود هدف (شخصية بارزة) كان الانتحاري ينوي تفجير سيارته لحظة وصوله إلى إحدى المناطق البقاعية، وثمة رصد لسيارة ثانية كان يقودها انتحاري آخر في الوقت نفسه على الطريق بين صوفر ومنطقة البقاع خلال الفترة التي سبقت تفجير سيارة «المورانو».. قبل أن تتوارى عن الأنظار.
وبعد إعلان الشيخ المتواري سراج الدين زريقات، عبر «تويتر»، مسؤولية «كتائب عبدالله عزام» عن التفجيرين وتسمية اللواء عباس ابراهيم شخصياً، ثمة فرضية بأن الشخصية التي كانت مستهدفة في البقاع هي ابراهيم نفسه، برغم إصراره على القول إن التحقيقات سرية وقد قطعت شوطاً متقدماً حتى الآن.
مصدر سيارة ضهر البيدر
أما التطور الثاني في قضية ضهر البيدر، فقد تمثل في معرفة مصدر السيارة التي أظهر الرصد المتتابع لها، أنها خرجت من بلدة عرسال في البقاع الشمالي، وأن عملية تفخيخها حصلت هناك، وتسعى مخابرات الجيش للتدقيق في ما إذا كانت هناك أية معابر تفخيخ ما زالت مفتوحة بين عرسال وجردها ومنطقة القلمون السورية، أو أن السيارة تمّ تحضيرها في البلدة نفسها؟
صحيح أن البنية اللوجستية لتنظيم «كتائب عبدالله عزام» وباقي الفروع «القاعدية» قد تعرّضت لضربات أمنية متتالية، سواء في الداخل اللبناني، أو عبر الحدود، إلا أن ذلك لا يمنع متابعة ثلاثة تحديات أمنية حالياً هي: منطقة عرسال وجرودها، المخيمات الفلسطينية، المجموعات «القاعدية» في سجن رومية، وفق وزير الداخلية نهاد المشنوق.
وخير دليل على ضعف البنية اللوجستية للتنظيمات التكفيرية، شراء السيارات مباشرة من المعارض (بدل السيارات المسروقة) وزنة العبوات (من 100 و200 كلغ الى 25 و40 كلغ) وتعطّل السيارة المفخخة (في الطيونة) وارتباك الانتحاريين في أكثر من تفجير، فضلاً عن عناصر ضعف أخرى يرصدها المحققون.
وقد أعلن الجيش أن السيارة التي استعملت في تفجير الشياح، منتصف ليل أمس الأول، هي «مرسيدس» ـ 300 بيضاء اللون تحمل لوحتها الرقم 324784/ج، وأنها كانت محملة بنحو 25 كلغ من المواد المتفجرة، غير أن مصادر أمنية أكدت لـ«السفير» أن زنة العبوة بلغت 40 كلغ، لكن 15 منها لم تنفجر بسبب ضعف حرفية المفخخين.
وكانت السيارة قد بيعت من قبل (نمر ش.) إلى معرض للسيارات في محلة مار مخايل ـ الشياح يملكه (زهير س.)، الذي عاد وباعها إلى مواطن سوري يُدعى (علي د.)، بموجب وكالة بيع.. حصل ذلك في السادس من الشهر الحالي، أي قبل 17 يوماً.
وجهة سير الانتحاري
غير أن السؤال الذي لم يعثر المحققون على جواب حاسم عليه هو وجهة سير السيارة، قبل وصولها إلى المدخل الشمالي لاوتوستراد الشهيد هادي نصر الله، علماً أن الوصول إلى ذلك المكان ليس ممكناً إلا من ناحية مستديرة الطيونة أو من ناحية مستديرة شاتيلا، من دون إغفال صعوبة مرورها عبر الأخير بسبب وجود نقطة عسكرية للجيش بين أرض جلول وشاتيلا.
وثمة أسئلة بلا أجوبة حتى الآن لدى الأجهزة الأمنية حول مصدر السيارة المفخخة (بعد شرائها من المعرض) وأين تمّ تفخيخها وما هو الهدف؟
ووفق رواية أكثر من جهة أمنية رسمية، فقد تعمد الانتحاري الدخول إلى شارع هادي نصر الله بعكس السير، تجنباً لحاجز الجيش على الجهة المقابلة، وهذا يرجح فرضية عدم استهداف الحاجز نفسه، كما استبعدت فرضية التفجير برواد «مقهى أبو عساف»، لأن الوصول إليه من ناحية الطريق الفاصل بين المستديرتين أسهل من الدخول إلى شارع نصر الله بعكس السير ومن ثم الالتفاف باتجاه المقهى.
لذلك، فإن مسألة توقف السيارة في عرض الطريق ترجّح فرضية تعرضها لعطل طارئ، ذلك أن الانتحاري كان يحاول خرق الإجراءات الأمنية وتجاوزها لكي يدخل الى الضاحية (100 متر عكس السير)، وبعد ذلك يصبح السؤال: هل كان يريد «تبييت» السيارة لتفجيرها في اليوم التالي أو في موعد آخر وما هو الهدف بالتحديد؟ أم أنه كان سيختار هدفاً عشوائياً مكتظاً بالمارة والسيارات في عز النهار؟
استدراج الفتنة
وإذا صحت الفرضية الأخيرة وتحديداً في الشياح، فإن الانتحاري كان يريد استدراج فتنة سنية ـ شيعية من خلال ردة فعل ذوي الضحايا باتجاه مناطق الجوار القريبة. وهنا استحضر المعنيون اعترافات الموقوف نعيم عباس الذي أقرّ أنه كان بصدد القيام بعمل إرهابي في منطقة الشياح، على اعتبار أنها منطقة «رخوة» أو غير منضبطة حزبياً، وبالتالي يمكن أن تتحرّك تلقائياً للقيام برد فعل يؤدي إلى انفجار الوضع بين الشياح وقصقص (الطريق الجديدة).
ومع انتهاء قطوع أمس الأول، ما يزال القلق يساور المعنيين من استمرار الضاحية الجنوبية عموماً، والشياح خصوصاً، كهدف محتمل وجدي وقائم للمجموعات الإرهابية، وهو ما أدى إلى تعزيز التدابير الأمنية على مداخل الضاحية، علماً أن الإجراءات نفسها تتبع في محيط سجن رومية، حيث لا تستبعد مراجع أمنية احتمال القيام بعمل إرهابي كبير ضد السجن، تمهيداً لإحداث فوضى عارمة تمكن الموقوفين الاسلاميين من الفرار .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.