المتورطون

A picture taken on May 23, 2013 shows heavily damaged buildings in a neighbourhood in the eastern city of Qusayr, bordering Lebanon in Syria's Homs province. Syria's divided opposition called on the regime of President Bashar al-Assad to bluntly state whether it was interested in peace talks and on what terms rather than use ally Moscow as its mouthpiece. AFP PHOTO/SARKIS KASSARGIAN

صحيفة العرب اليوم الأردنية ـ
د. حياة الحويك عطية:

لماذا اللف والدوران ومحاولة اخفاء الوجه باصبع؟ لماذا الاستخفاف بعقول الناس وبمصداقية الكلام الذي يطلقه هذا او ذاك ؟
كعادته قلب حسن نصرالله طاولة النفاق وقال ببساطة: نحن نحن نقاتل في سوريا . بالمقابل الجميع يقاتلون في سوريا: قطر، السعودية ، العراقيون، التوانسة، الجزائريون، فرنسا، بلجيكا، بريطانيا، الشيشان، الافغان، الاتراك الخ…
القتال في سوريا يدور ضمن اربعة دوائر متلاحقة : اولا الداخلي وهو صراع حقيقي بين معارضة وحكم ، ثانيا الاقليمي وهو صراع حاد بين محور ايراني، محور تركي – قطري ، محور سعودي ومحور اسرائيلي ، وثالثا دولي وهو صراع القوى العظمى بين محور اميركي ومحور روسي – صيني وبين المحورين تحاول اوروبا ان تدس بانفها مشاكسة للحصول على جزء من كعكة المصالح فيما بعد الحرب.
اما المقاتلون انفسهم، من مختلف الجنسيات، فمنهم المؤمن ومنهم المرتزق ومنهم الذي زج به في الصراع ولم يعد يدري كيف يخرج منه . تصنيف لا يطال باي شكل الجيش العربي السوري ، فهذا هو الجهة المقاتلة الشرعية ، جيش الوطن الذي خاض ميسلون بقيادة يوسف العظمة السني وارثا الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الاطرش الدرزي وخاض حرب تشرين بقيادة حافظ الاسد العلوي . هذه هي سوريا ، سوريا رئيس الوزراء المسيحي فارس الخوري المسيحي ، الذي قال يوما : انا مسيحي دينا ، مسلم حضارة.
وهذا هو الرهان بين تعددية مؤمنين بالماوراء يتحدون في الايمان بالوطن ، ويقدمون الانتماء له . وبين عبثية مؤمنين مخدرين بالماوراء يوظفونه ويفسرونه كما يريدون ليبرروا به القتل والارهاب .
المؤمنون في الحرب السورية هم بألوان قوس قزح ، منهم من يؤمن بالاخرين ومنهم من يؤمن بتكفير الاخرين لمجرد كونهم اخرين. بوضوح اكثر : منهم جيش يؤمن بوطنه وبعقيدته القتالية ويقاتل، منهم معارضون يؤمنون بسوريا وينظرون اليها برؤية مختلفة عما هو عليه نظامها ويرون الى تغييره باساليب ديمقراطية وسلمية ، منهم من يؤمن بالارتزاق للشيطان دناءة امام المال او امام شهوة المنصب ايا يكن او حقدا مذهبيا او سياسيا، منهم من لا يؤمن الا بشهوته الى الانتقام اما لظلم لحق به واما لسلطة انتزعت منه. ومنهم من يؤمن بعقيدة تكفيرية لا قيمة فيها للارض وللوطن وللمجتمع وللدولة .
غير ان هؤلاء جميعا ينتظمون في خطين يتعديان الاشخاص والاسماء : ادوات اميركا واسرائيل والمقاومون لمشروعمها.
واخيرا جاء حزب الله ، لا شك في ان لهذا الحزب عقيدة مذهبية ، لكن ليس هناك اي اعتبار لهذه العقيدة في قتاله في سوريا – على عكس الضخ الاعلامي الذي يريد تفسير كل شيء هناك تفسيرا مذهبيا ، لصب الزيت على النار ولضمان تعميق الشرخ في العالم الاسلامي كله – حزب الله ، ومن معه في لبنان ، يشكلون مقاومة ، لم تكن لتكون لولا سوريا ، وعليه فان سقوط سوريا خاصة في المناطق المحاذية للشمال والبقاع ،  في يد المنظمات التكفيرية التي لم تخف توجهها لاقامة امارة اسلامية اصولية في تلك المناطق، يعني سقوط جزء كبير من جغرافية المقاومة ومخازن سلاحها وجمهورها ليس فقط بيد النصرة والجيش الحر وانما بيد اسرائيل. وعليه تصبح الخطوة التالية المضمونة هي القضاء نهائيا على المقاومة في لبنان ، تحقيق ما عجزت عنه حرب تموز 2006.
هذا ما كانت تحلم به اسرائيل وهي تراقب تغلغل النصرة داخل الحدود اللبنانية ، بعد ان حققت لها- مع سواها – حلمها بتدمير سوريا . ولهذا درب خبراء في الاستخبارات الاميركية عناصر النصرة ، كما اعترفت السي ان ان عام 2012 . مما يطرح سؤالا منطقيا : اي ايمان يجمع النصرة بخبراء السي اي ايه؟
التغلغل حصل منذ بداية العنف المسلح في سوريا ، وما من لبناني لا يعرف حقيقة هيمنة النصرة والجيش الحر على  الشريط الحدودي من طرابلس الى وادي خالد ومن عرسال الى امتداد 300 كلم ، وما من لبناني لا يعرف ان ارهاصات الامارة اتضحت منذ عوقب الجيش اللبناني عندما حاول دخول عرسال فاذل عناصره وقتل ضباطه دون تمييز بين مسيحي ومسلم، ابشع قتل وتم التمثيل بهم وصور كل ذلك ووزع استكمالا لتدمير الهيبة .
لم يكن لحزب الله وحلفائه في افواج المقاومة ان ينتظروا وصول دبابات اسرائيلية تركية اميركية الى معاقلهم. ولم يكن للجيش السوري ان يتدخل داخل الحدود اللبنانية ، والا لقامت الدنيا ولم تقعد في ضجة اين منها دخول شارون الى القدس . فكان التدخل المباشر.
بسرعة عقد اجتماع امني في منزل احد مشايخ طرابلس وتشكل وفد خماسي ممن يسمون في المدينة بقادة المحاور الى تركيا للاجتماع بسليم ادريس بغاية معلنة هي تفعيل الجماعات المسلحة وشن هجمات عبر الحدود اللبنانية . في حين ان الغاية الحقيقية تبينت اثر عودة الوفد، حيث اشتعلت طرابلس من محاورها الخمسة . لتلي ذلك عملية الصواريخ على الضاحية الجنوبية. فيما يبدو بوضوح عملية ضغط داخل لبنان مقابلة للضغط داخل سوريا . تلبية لنداء التحرك في كل مكان لتخفيف الضغط على القصير ومن ثم حمص.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.