“الاشاعات” أداة جديدة من أدوات الصراع السياسي في لبنان

roumers

موقع النشرة الإخباري ـ
ماهر الخطيب:

في الوقت الذي يتخوف فيه الكثير من المراقبين من انتقال حماوة المواقف والخطابات السياسية إلى الشارع، يبدو أنها انتقلت بشكل لافت إلى مواقع التواصل الإجتماعي التي تشهد حرباً نفسية من العيار الثقيل، حيث تنافس مؤيدو مختلف القوى في بث “الاشاعات” والأخبار الملفقة حول قياديي الفريق الآخر أو مناصريه.
هذا الأسلوب من الحرب ليس بجديد على اللبنانيين، لكنه أثبت خلال الأيام الأخيرة قدرته على توتير الأجواء في البلد بشكل كبير، لا سيما بعد “الاشاعة” التي تناولت الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، ومن ثم تلك التي تناولت رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، فما هي الأهداف من بث هذه “الاشاعات”، وما هو دور الحرب النفسية في الصراع السياسي القائم في البلد؟

من أخطر الأسلحة
تعتبر “الإشاعة” من أخطر أنواع الأسلحة في أي صراع، سواء كان عسكرياً أم سياسياً، لا بل هي علم قائم بحد ذاته يُدرس في معظم الجامعات، ويتم اللجوء إلى استخدام هذا السلاح في معظم الصراعات العسكرية، كونه فعّال جداً في ضرب معنويات الخصم، التي تُعتبر عاملاً أساسياً في حسم المعركة، كما يتم استعماله في الصراعات السياسية بهدف التأثير على مؤيدي الخصم بطريقة غير مباشرة.
وفي هذا السياق، يحذر العميد الركن المتقاعد الدكتور علي عواد، في حديث لـ”النشرة”، من خطورة هذا الموضوع على الأمن الإجتماعي، ويشير إلى أن الهدف من “الإشاعات” خلق جو من التوتر تمهيداً لأحداث لها طابع عنفي، ويلفت إلى أن معظمها يخلق جواً من التوتر في صفوف المؤيدين، ويؤدي إلى شحن أعصابهم بطريقة خطيرة، حيث يتهيأون للقيام بأي فعل.
ويشير الدكتور عواد، الذي لديه العديد من الدراسات حول الحرب النفسية، إلى أن هذا الموضوع قد يكون مسؤولا عنه أي من الفريقين المتصارعين بهدف الضغط باتجاه مطالب معينة، أو ربما يكون فريق ثالث له مصلحة في توتير الأجواء، ويوضح أن مصدر هذه “الإشاعات” يكون مواقع أو صفحات مجهولة على مواقع التواصل الإجتماعي، أو أرقام هواتف غير معروفة.
ويرى الدكتور عواد أن هذه “الإشاعات” لا تزال في مراحلها الأولى حتى الآن، لكنه يعتبر أن من الممكن أن تلجأ الجهات التي تقف خلفها إلى تصعيدها أكثر، ويؤكد أن الموضوع خطير جداً ولا يجب الإستهانة به، ويوضح أن الدراسات التي قام بها تشير إلى أن العديد من الأحداث الأليمة التي عرفها لبنان بدأت بسبب شائعة، ويذكر في هذا السياق أحداث الدامور وداريا والسبت الأسود، ويضيف: “المطلوب من الجميع تحمل مسؤولياتهم والجلوس إلى طاولة حوار لتهدئة الأوضاع”.

التأثير النفسي
على صعيد متصل، تظهر الأحداث المتلاحقة التأثير الكبير الذي تتركه “الاشاعة” على الوضع النفسي للمواطنين، الذين باتوا اليوم يشعرون بقلق كبير من أي حدث، وهذا الأمر كان واضحاً بالأمس من خلال الحركة في المناطق التي كان من المتوقع أن تشهد توترات، حيث كانت شبه مشلولة.
وفي هذا الإطار، يؤكد المتخصص في علم النفس الدكتور عباس مكي أن الانسان بشكل عام شديد التأثر بـ”الإشاعة”، ويلفت الى أن الدليل هو فاعليتها عليه.
ويوضح الدكتور مكي، في حديث لـ”النشرة”، أن “الإشاعة” هي فعل رمي فكرة في الأوساط العامة لأهداف معينة، ويوضح أن من يكون وراء هذا الفعل ينتظر مفاعيله التي تكون في أغلب الأحيان سلبية، ويلفت الى أن هذه المفاعيل تزداد في أوقات الأزمات والحروب.
ويشير الدكتور مكي الى أن معظم “الإشاعات” تطلق في أوقات تتميز بالترقب والحذر، بانتظار انفجارها لتنفس الاحتقان الذي يكون قائماً بشكل كبير جداً، ويؤكد أن من يقوم بهذه الأعمال يكون متابعا دقيقا للأوضاع، ويريد تحقيق أهداف معينة.
ويوضح الدكتور مكي أن هناك نوعين من “الإشاعات”، النوع الأول يتماهي مع الحقيقة حيث لا يمكن التمييز بينهما بسهولة، أما النوع الثاني فيكون بعيداً عنها، لكنه يشدد على أنهما يرتبطان بأجواء التوتر التي تكون سائدة، ويعتبر أن من الأهداف الأساسية لهذين النوعين تهيئة الأرضية لتكون حاضرة للإنفجار عند أي حدث، ويشير إلى أن هناك العديد من الأفعال التي يقوم بها الأنسان نتيجة الخوف والقلق، ويشدد على أن أخطر أفعاله تكون تحت تأثير ذلك.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.