الجيش السوري يستأنف معركة الجنوب

 

هل تجدّدت حملة الجيش السوري في مثلث درعا ــ القنيطرة ــ ريف دمشق؟ الأنباء الواردة من الجنوب السوري تشير إلى أن المرحلة الثانية من الهجوم الذي بدأه الجيش يوم 11 شباط الماضي قد استؤنِف ، إذ تمكّن الجيش من السيطرة على بلدة الهبارية مساءً. قبل 17 يوماً، شنّ الجيش والقوى الرديفة له هجوماً مباغتاً أدى إلى السيطرة على بلدات دير ماكر والدناجي ودير العدس، وعلى عدد من التلال والمواقع العسكرية.
وحينذاك، حالت العاصفة الثلجية والأحوال الجوية التي تلتها دون استكمال الهجوم. وخلال الأيام الماضية، شن الجيش هجمات مكثفة بالطيران على مواقع المسلحين في المنطقة، وأجرى أكثر من «استطلاع بالنار» لعدد من البلدات والنقاط العسكرية التي يسيطر عليها المسلحون. ويوم أمس، شنّ هجوماً على الهبارية، وتمكن من السيطرة عليها. هذه العملية تهدف إلى تحصين العاصمة دمشق والحؤول دون تعاظم خطر المسلحين في محافظتي درعا والقنيطرة وتهديدهم أرياف العاصمة جنوباً وشرقاً وغرباً. وفيما تتحدّث مصادر ميدانية عن عملية محدودة، تقول مصادر أخرى إن الهجمات ستُستكمل لتوسيع الرقعة الآمنة في المثلث الاستراتيجي، وصولاً إلى بلدة كفرناسج التي تُعد أحد أبرز معاقل المسلحين في ريف درعا الشمالي الغربي، والتي تفتح السيطرة عليها طريقاً مستقبلياً إلى بلدة الحارّة وموقع تل الحارّة الفائق الأهمية. ويؤدي تقدم الجيش في المنقطة إلى قطع طرق تواصل إضافية بين ريف درعا وريف القنيطرة، حيث تقيم جماعات مسلحة «حزاماً» يحظى بدعم لوجستي واستخباري إسرائيلي. واللافت أن تقدّم أمس جرى بعدما حشدت الفضائل المعارضة في الجنوب، وعلى رأسها «جبهة النصرة» و»الفيلق الأول»، جزءاً كبيراً من قواتها لصد هجمات الجيش السوري، بعدما فوجئت بهجوم الحادي عشر من شباط الماضي.
حرب «حزم» و«النصرة» عصية على الاتفاقات
في الشمال  ، يبدو الاتفاق الذي أُبرم بين «جبهة النصرة» و«حركة حزم» أمس في شأن منطقة دارة عزة (ريف حلب الغربي) مرشحاً للانضمام إلى معظم الاتفاقات المماثلة بين المجموعات المتنازعة في سوريا. ساعاتٌ قليلة كانت كافيةً ليهز انفجارٌ عنيفٌ المدينة، ويُقلّل من فرص تطبيق الاتفاق. ورغم أن الأنباء الأوليّة أشارت إلى اقتصار أضرار الانفجار على الجانب المادي، غير أن ردود الفعل قد تجعل من احتواء الموقف أمراً مُتعذراً، خاصةً في ظل إصرار معظم عناصر «النصرة» على وجوب «دفع متأمركي «حزم» ثمن اعتداءاتهم المتكررة على مجاهدي النصرة»، وفق ما أكده مصدر مرتبط بالأخيرة لـ«الأخبار». وتناقلت بعض المواقع المحسوبة على «النصرة» أنباءً تفيد باعتزام عدد من مقاتلي «النصرة» الانشقاق عنها إذا «سكتت قيادتها عن الثأر للشيخ أبو عيسى الطبقة» الذي قتلته حركة حزم بعد خطفه. وتضاربت الأنباء في شأن حقيقة انفجار دارة عزة، إذ أُعلن أوّل الأمر أنه ناجم عن تفجير سيارة مفخخة، قبل أن تروج أنباء مفادُها أنه عبارة عن «انفجار لغم أرضي موجه بسيارة تابعة لحزم». الطرفان وبوساطة من «الجبهة الشامية» كانا قد وقّعا قبل ساعات اتفاقاً يخص دارة عزّة مؤلفاً من سبعة بنود «حقناً للدماء، ومنعاً لاستمرار الإشكالات بين الطرفين».
ونصّ الاتفاق المذكور على «تجنيب دارة عزة والفوج 111 الاقتتال بين الطرفين»، إضافة إلى «سحب المظاهر المسلحة، ورفع الطرفين الحواجزَ من المدينة، وفتح الطرقات المغلقة المؤدية إلى المدينة»، علاوة على «عدم تعرض كلّ من الطرفين لأي مجموعة خارجة من المدينة»، سواء كانت تابعةً لـ«حزم» أو «النصرة» كما حظر الاتفاق على عناصر الأخيرة دخول المدينة «إلا لظروف إنسانية». كذلك اتفق الطرفان على «تسليم الفوج 111 للجبهة الشامية ممثلة بحركة نور الدين الزنكي، وذلك على سبيل الأمانة، حتى يُفضّ النزاع بين الطرفين أو إبرام اتفاق جديد بينهما». في الأثناء، كانت اشتباكاتٌ عنيفة قد اندلعت بين الطرفين في مناطق عدة من ريف حلب الغربيّ. الاشتباكات انطلقت من الفوج 46 (قرب الأتارب) المعقل الرئيسيّ لـ«حزم»، وريف المهندسين الثاني (ريف حلب) وامتدّت إلى محيط قرية الأبزمو، والشيخ علي، وأرمناز في ريف إدلب. وتداولت صفحات ومواقع مُعارضة أنباءً عن «قطع الطرق المؤدية إلى مناطق الاشتباكات»، و«حشد كلّ من الطرفين في مناطق جديدة».
«نفيرٌ ضدّ النصرة» في الأتارب
وفي السياق، نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي «بيانٌ مصوّر صادرٌ عن أهالي منطقة الأتارب». وقال البيان إنّ أهالي المنطقة يعتبرون «جبهة النصرة باغية في هجومها على الفوج 46 (…) ويؤكدون أن مدينة الأتارب والفوج جزء لا يتجزأ». البيان طالب «النصرة بالتوجه إلى خطوط القتال ضد النظام…»، واختتم البيان بإعلان «النفير العام». فيما نقل «المرصد السوري  المعارض» عن «مصادر موثوقة» أنّ «الأهالي قرروا نشر حواجز في محيط مدينة الأتارب وأطرافها». «النصرة» بدورها، وجّهت بياناً إلى أهالي الأتارب، أكدت فيه عزمها «على الثأر من مجرمي حزم الذين خطفوا المجاهدين وقتلوهم». وأكد البيان أنّ القتال «لا دخل له بالبلدة مطلقاً، وإنما هو فقط للمجرمين الممتنعين في الفوج 46، (…) ونهيب بأهلنا الكرام أن ينأوا بأبنائهم عن إجرام حزم واعتداءاتها وأن يخرجوهم من صفوفهم».
وبيانٌ «مراوغ» لـ«حزم»
وفي وقت متأخر، تداولت مواقع معارضة بياناً قالت إنه صادر عن «حركة حزم»، تعلن فيه «قبولها بمحكمة شرعية مستقلة لحلّ خلافاتها مع جبهة النصرة». البيان قال إن «هدف الحركة الدفاع عن السوريّين، بينما تنسحب جبهة النصرة من جبهات حماة وحلب في إطار سعيها إلى إقامة دور القضاء، لترسيخ مشروع إمارتها». وأكد البيان أنّ «حركة حزم صبرت على أذى «النصرة»، وهي مرابطة على جبهة حندرات، ومنشغلة بقتال الأسد ومن والاه من الميليشيات الإيرانية». واختتم بالقول: «نحن عند حكم الشرع، نُسلم له رقاب قادتنا قبل عناصرنا، مع تشرفنا وفخرنا واعتزازنا بكل قضاء شرعي مستقل عن الفصائلية والحزبية». وتعليقاً على البيان، قال مصدر مرتبط بـ«النصرة» لـ«الأخبار» إنّ «هذا البيان مراوغٌ وكاذب. ويأتي في إطار محاولة آثمي حزم ذر الرماد في عيون أهلنا، وإيهامهم بأن الجبهة هي الباغية». المصدر أكّد أن «زمن البيانات قد ولّى، ولا كلام سوى كلام الساحات».
المصدر: صحيفة “الاخبار” اللبنانية

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.