الدور الأمريكي الخبيث في الحرب اليمنية.. الرسائل والنتائج

صحيفة الوفاق الإيرانية:

مع اقتراب الحرب اليمنية من نهاية العام السابع، لا تزال نيران الحرب مشتعلة في عدد من الجبهات مع اشتداد هجمات تحالف العدوان على المدنيين، وليس هناك أي احتمال لإنهاء الحرب في المستقبل القريب.

ولقد أدت سبع سنوات من القتال العنيف والهجمات الوحشية التي شنها تحالف العدوان السعودي على الأراضي اليمنية، والتي أسفرت عن استشهاد وجرح عشرات الآلاف من الأبرياء في اليمن، إلى استهداف قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية بشكل متكرر لمناطق حساسة داخل أراضي العدو السعودي باستخدام مجموعة واسعة من الصواريخ والطائرات الانتحارية المسيّرة.

وشملت هذه الأهداف قواعد عسكرية رئيسة في الرياض ومطارات في جنوب السعودية، ومنشآت نفطية في أجزاء مختلفة من البلاد، ولقد تم استهدافها بصواريخ باليستية وصواريخ كروز وطائرات مسيّرة انتحارية من طرازات مختلفة.

ولقد أصبح السعوديون غير قادرين على إدارة أزمة الحرب اليمنية، حيث إن تصعيد هجمات أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” على المواقع الاستراتيجية داخل العمق السعودي، يشير إلى المستوى العالي الذي وصلت له المقاومة اليمنية خلال السنوات الماضية. وعلى الرغم من اعتبار الرئيس الأمريكي الجديد “جو بايدن” الحرب اليمنية أول قضية خارجية أمريكية ودعوته لإنهاء الحرب اليمنية بإعلانه تعليق مبيعات الأسلحة للسعودية والإمارات، إلا أن الحقائق على الأرض تتناقض مع تصريحات هذا الرئيس الأمريكي الجديد.

وحول هذا السياق، كشفت قناة “الحرة” الأمريكية، يوم الاثنين الماضي، عن وجود قوة خاصة تابعة للولايات المتحدة في اليمن، دعما لتحالف العدوان العسكري الذي تقوده السعودية. يأتي ذلك بعدما كشفت صحف أمريكية عن طلب تقدمت به الرياض وأبوظبي لمساعدة عسكرية أمريكية، لتتمكنا من السيطرة على مدينة مأرب وميناء الحديدة الذي تسيطر عليه قوات صنعاء.

ونقلت القناة الإخبارية عن مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية، الاثنين الماضي، أن لدى الولايات المتحدة قوة خاصة داخل اليمن تقدم دعما لتحالف العدوان الذي تقوده السعودية ضد قوات صنعاء. ولم يكشف المسؤول، وفقا للقناة، ما إذا كانت تلك القوة ستشارك في عملية استعادة مدينة مأرب من قوات صنعاء. وامتنع المصدر عن التطرق إلى أماكن وجود القوات الخاصة الأمريكية في اليمن، لأسباب تتعلق بإجراءات حمايتها.

وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” كشفت في تقرير لها، نقلا عن مصادر في الإدارة الأمريكية، قولها إن “كبار المتخصصين باليمن في الإدارة الأمريكية سيجتمعون الاثنين؛ لمناقشة طلب سعودي وإماراتي للمساعدة في السيطرة على مدينة مأرب وميناء الحديدة غربي البلاد.

ووفقا للصحيفة، فإن وزير الخارجية الأمريكي، “تلقى هذا الطلب الخاص لتقديم دعم عسكري يتمثل أساسا في تخصيص طائرات استطلاع أمريكية من دون طيار مخصصة للإسناد الجوي”. ومن المؤكد أن امريكا تسعى من وراء ارسال قوات عسكرية الى عدن، الى تحقيق اهداف اكبر من توفير الامن لقوات تحالف العدوان ومرتزقته، فهي تحاول من خلال هذا الاجراء، نقل الدور الامريكي في العدوان على اليمن، من وراء الكواليس الى مسرح الاحداث وبشكل سافر، لتعزيز معنويات وكلائها السعوديين والاماراتيين ومرتزقتهما، التي شارفت على الانهيار الكامل، بعد الصمود الاسطوري للشعب اليمني، الذي انتقل من مرحلة الدفاع الى مرحلة الهجوم، رغم مرور اكثر من سبع سنوات على العدوان الغادر. وكذلك من اجل تثبيت تقسيم اليمن، وتسويقه على انه حقيقة يجب القبول بها. وكذلك من اجل السيطرة المباشرة على الممرات والموانئ والمواقع الجغرافية الاستراتيجية في اليمن.

اعتراف الإمارات المرير وفشل سياسة التكتم

لقد كانت آثار وأضرار عملية “إعصار اليمن” التي نفذتها قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية يوم الاثنين الماضي في العمق الإماراتي، قوية ومؤثرة وأصابت دويلة الاحتلال الإماراتي بالصدمة والرعب، حسب محللين سياسيين، لكن الصدى الأكبر لهذه العملية الناجحة تردد في كيان الاحتلال الصهيوني الذي بات يقرأ مضامين وأبعاد مثل هذه العمليات النوعية بعقلية أكثر إدراكا وفهما على عكس ما هو عليه حال القادة والسياسيين في نظامي “سعود زايد” واللذين يسارعان عند تلقيهما لأي صفعة إلى التقليل من شأن الخصم وينسبون الإنجاز إلى أطراف أخرى قبل أن يقدموا على الانتقام من المدنيين الأبرياء. وحول هذا السياق، كشفت العديد من التقارير الاخبارية، أن القادة الاماراتيين قاموا بالتوسل لكيان الاحتلال الصهيوني لإنقاذهم من هذا المستنقع.

إن مسألة السرية المتعلق بالضربات الصاروخية للجيش اليمني على أبو ظبي ليست قضية جديدة وهي جزء لا يتجزأ من سياستها الإعلامية منذ بداية مغامراتها في هذه المنطقة الإقليمية. وفي السنوات الأولى من الحرب اليمنية، كانت قوات الجيش الإماراتي متواجدة بشكل مباشر في بعض جبهات ساحة المعركة، لكن على عكس الجيش السعودي أو المرتزقة السعوديين، الذين نُشرت صورهم وأسماء قتلاهم على مواقع التواصل الاجتماعي، هناك تشديد اماراتي صارم، حيث منعوا نشر مثل هذه القوائم وخسائرهم الحقيقية في حرب اليمن. ولم ترد في وسائل الإعلام الإماراتية سوى حوادث كبرى مثل الهجوم الصاروخي الشهير على ثكنة السفير بمحافظة مأرب الشرقية، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 100 من قوات التحالف السعودي، بينهم 45 جنديا إماراتيا، حيث لم يكن من الممكن إنكار تلك التفاصيل أو إخفاؤها.

لعبة البيت الأبيض المزدوجة

ذكر تقرير صدر عن وزارة الخارجية الأمريكية قبل تسعة أشهر، أن الرئيس “جو بايدن” صرح عقب فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، أن إنهاء الحرب اليمنية إحدى أولويات سياسته الخارجية.

وقالت وزارة الخارجية في ذلك التقرير، ردا على عمليات أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” ضد تحالف العدوان السعودي، “ندين بشدة كل الهجمات الصاروخية المروعة على السعودية وهذه الهجمات غير مقبولة وخطيرة “. وأضاف تقرير وزارة الخارجية على الإنترنت، “إننا نحث بقوة جميع الأطراف على الالتزام بوقف إطلاق النار والدخول في مفاوضات ترعاها الأمم المتحدة”. وأضافت الوزارة الأمريكية إن “الرئيس بايدن جعل إنهاء الحرب اليمنية إحدى أولويات سياسته الخارجية”، وحث حركة “أنصار الله” اليمنية المقاومة للجلوس على طاولة المفاوضات.

وقالت: “لدينا الآن خطة جيدة وعادلة لوقف إطلاق النار في اليمن، والتي تتضمن الاستجابة الفورية من جميع الاطراف بسبب الوضع الإنساني المزري في البلاد … وقادة أنصار الله على اغتنام هذه الفرصة والجلوس على طاولة الدبلوماسية.”

وبعد مرور أسبوعين على توليه المنصب، أعلن الرئيس الأمريكي الجديد “جو بايدن”، أنه سيوقف مبيعات الأسلحة المتعلقة بالهجوم على اليمن، ووقف دعم بلاده للأعمال التي تؤدي إلى استمرار تلك الحرب. لكن تلك التصريحات المتلفزة التي أطلقها “بايدن”، عدها خبراء ومراقبون ليست بالحزم الكافي لإنهاء أزمة مستمرة منذ نحو 7 سنوات ولها تشابكات إقليمية معقدة، مشيرون إلى أن التصريحات لن تعدو سوى كونها مجرد دعوة للتهدئة. وبالنظر إلى هذا الوضع، فإن إرسال المعدات والقوى البشرية إلى الإمارات، إما للمشاركة في الحرب اليمنية أو لدعم الحلفاء رمزياً، يمثل ضربة مزدوجة لسياسات البيت الأبيض الإقليمية وذلك لانه: أولاً ، الوجود العسكري الأمريكي في الحرب ليس ظاهرة جديدة، وفي الحقيقة فمن السذاجة الافتراض أن الحكومة السعودية كانت قادرة على مواصلة الحرب في اليمن دون الدعم الغربي لها.

وفي البعد الثاني، إذا كان الهدف الرئيسي للبيت الأبيض هو فقط اتخاذ إجراء رمزي وإعلان دعمه لحليفه، فإن هذا، لن يؤدي إلا إلى زيادة دافع اليمنيين لمواصلة هجماتهم في عمق الإمارات العربية المتحدة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.