اليمن: العيون متجهة إلى صنعاء… والإقليم يتدخل لمساندة “الإصلاح”

zeinabhammoud-yemen-sanaa

موقع إنباء الإخباري ـ
زينب حمود:

ما كان متوقعا بالأمس، غدا اليوم واقعاً. فبعد إحكام جماعة أنصار الله (الحوثيون) سيطرتهم على محافظة عمران اليمنية، إشتعلت جبهات قريبة من العاصمة صنعاء بين الحوثيين من جهة ومسلحي حزب الإصلاح “الإخوان المسلمون” والجيش من جهة ثانية. وبعد تجربة معارك عمران، وترجيح الكفة للحوثيين هناك، رأت القوى الإقليمية والأطراف السياسية الداخلية أن توحيد جهودها، وتوجيه ضربة إستباقية هو الحل الأوحد لتدارك “كارثة إختلال الموازين السياسية”.
وعلى قاعدة ” أنا وخيّ على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب”، اتفق أعداء الأمس، أصدقاء اليوم، برعاية سعودية، على ضرب معاقل الحوثيين، ومنع تمدد نفوذهم إلى العاصمة، إذ أكدت معلومات صحافية، نقلا عن مصادر سياسية، أن المملكة العربية السعودية تجري إتصالات سرية لتحقيق مصالحة بين أطراف النزاع السياسي، الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، والرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي، وحزب الإصلاح.
وأضافت المعلومات أن هدف المصالحة، مواجهة تقدم أنصار الله نحو صنعاء، خاصة بعد تمدد نيران المعارك باتجاه محافظة جوف. وأفادت بأن زيارة الرئيس هادي إلى السعودية، بعيد سيطرة الجماعة على عمران، تأتي في هذا السياق.
وإذ يصر الإصلاحيون على خوض معركة العاصمة، يتخوف الرئيس اليمني من تكرار مشهد عمران “الخاسر” هناك، الأمر الذي دفعه إلى إتخاذ قرار يقضي بنزع صلاحيات وزير الداخلية اللواء عبده حسين الترب الموالي لحزب الإصلاح عن شرطة العاصمة، وإيكال المهمة إلى اللواء علي ناصر لخشع.
فالرئيس هادي يخشى من أية ضغوط قد يمارسها الحزب على الوزير الترب لخلق بؤرة توتر في صنعاء، وفتح معركة مع الحوثيين، بهدف إقحام الجيش في المواجهة. وأتى القرار بُعيد معلومات توافرت لـ “هادي” عن نية الحزب إشعال جبهات همدان وأرحب وبني مطر، وجاء منسجماً مع بيان مجلس الأمن حول اليمن، والذي دعا إلى بذل الجهود كي لا تنقل معارك عمران إلى مناطق آخرى، خاصة إلى العاصمة.
كما لا يخفى على أحد تاريخ الوزير الترب وقرارته المتوافقة ومصالح حزب الإصلاح، إذ قام غير مرة بتعيين قيادات أمنية مهمة موالية للإصلاح، مهمتها الأساسية إرسال تقارير مغلوطة حول وضع صنعاء الأمني.
وما يزيد من توجس هادي حوله، مواقف الوزير الإصلاحي المعلنة تجاه الحوثيين، الذي وصفهم بالجماعة المتمردة.
لم يكتف الرئيس اليمني بسحب صلاحيات من وزير الداخلية، بل عمد أيضا إلى وضع خطة أمنية لأمانة صنعاء، ولحمايتها من أي هجوم محتمل. وشدد هادي، خلال إجتماع عقد مع كل من وزير الداخلية الترب ورئيس جهاز الأمن القومي اللواء علي الأحمدي ورئيس جاهز الأمن السياسي جلال الرويشان، وعدد من القيادات الأمنية، على ضرورة تعزيز اليقظة الأمنية، وحث الجميع على تحمل مسؤولية إستتباب الأمن والإستقرار والسكينة.
وأكد ضرورة “أن تضطلع الأجهزة الأمنية بدورها في أداء مهامها وواجبها الوطني على أكمل وجه واتخاذ جميع الإجراءات القانونية الرادعة بحق كل من يمس بالأمن والاستقرار والهدوء.”
ميدانيا، لم تفلح خطوات هادي الإستباقية في كبح جماح الإصلاحيين وكبت طموحهم في إسترجاع ما سلب منهم، حد رأيهم، حفاظا على ماء الوجه. النار التي إشتعلت في عمران إنتقلت إلى محافظة جوف ومديرية همدان القريبتين من العاصمة اليمنية. وأدت الإشتباكات التي استخدمت فيها أسلحة متوسطة وثقيلة، إلى سقوط عشرات الضحايا من الطرفين.
ولدى فشل هادي في إخماد المعارك المشتعلة، لجأ إلى شن هجوم لاذع على الحوثيين، بعد صمت طويل. إذ وصف اسقاط اللواء ثلاثمئة وعشرة مدرع بانه غير مقبول ويستهدف سيادة الدولة ولا يستهدف طرفا معينا فقط، بالرغم من تأكيد أنصار الله في أكثر من مناسبة، وعلى لسان الناطق الرسمي باسمها، ولسان قيادييها، أن مشكلة الجماعة ليست مع الجيش، ولا مع الدولة.
وقال هادي في محاضرة ألقاها في الكلية الحربية امام وزيري الداخلية والدفاع وقيادات عسكرية وطلبة كليات الجيش أن من الآن وصاعدا ستتعامل الدولة اليمنية مع هكذا أحداث بحزم وقوة، فيما أشار إلى أن المؤسسة العسكرية وطنية بامتياز، وما يحكى عن إنقسامات وتعدد ولاءات، عار عن الصحة. كما شدد على ضرورة خروج مسلحي الحوثيين من عمران
كلام هادي يتعارض بالمطلق مع الأحداث الأخيرة، ومع تصرفاته وقراراته لمنع تمدد الحرب إلى صنعاء. وينذر أن قرارا قد اتخذ لتوحيد الجهود ومواجهة أنصار الله.
رد الجماعة أتى سريعاً، إذ أكد الناطق الرسمي باسمها محمد عبد السلام أن من حارب في عمران هم أبناؤها، وأن لا مسلحين من غير أبناء المحافظة استقدموا إليها، واعتبر أن لا دولة في البلاد.
الأحداث الميدانية في اليمن تتسارع على نحو غير مسبوق. جماعة أنصار الله تثبت قدميها في المعركة أكثر من ذي قبل. أما الجبهات القريبة من العاصمة اليمنية فإشتعلت بقرار من طرف واحد، حزب الإصلاح. ومن المؤكد أن الجماعة إذا اتخذت قرارها بالتمدد الجغرافي، لن تبقى الأحوال على ما هي عليه، وسيناريو عمران قد يتكرر في محافظات آخرى، وربما حتى في صنعاء.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.