خاطرة “أبو المجد” (الحلقة الثانية والستّون)

bahjat-soleiman

موقع إنباء الإخباري ـ الدكتور بهجت سليمان ـ سفير الجمهورية العربية السورية لدى الأردن:

(صباح الخير يا عاصمة الأمويين.. صباح الخير يا عاصمة الحمدانيين.. صباح الخير يا بلاد الشام.. صباح الخير يا وطني العربي الكبير)…

الحلقة الثانية والستّون..

لَئِنْ يَكُ صَدْرُ هذا اليوم ولَّى               فإنّ غَداً، لِنَاظِرِهِ، قَرِيبُ

-1-

[ هل عرفتم الآن.. لماذا ضاعت فلسطين؟! ]

وهل يحق لأحد، أن يستغرب بعد الآن، لماذا ضاعت “فلسطين”؟!.. طالما أنّ رجال الدين الإسلامي، الذين يسمّون أنفسهم، “علماء”، في مشيخات “الجزيرة العربية” وفي “أرض الكنانة” – ونحن الآن في القرن الحادي والعشرين – لا شغل لهم ولا شاغل، إلّا تأليب الناس وشحنهم، للذهاب إلى سورية، للمشاركة في ذبح شعبها وجيشها، وذلك تحت عنوان “الجهاد”؟!؟!؟!؟!؟!؟!؟!.

ويبدو أنّ هؤلاء “العلماء” لم يكتفوا بضياع “فلسطين” بل يريدون ويعملون لضياع هذا “الشرق العربي” كاملاً، وتتويج إسرائيل التلمودية، إمبراطوراً على أجرامه وكانتوناته، المطلوب دخولها في حرب المئة عام، إلى أن يصبح العرب جميعاً، نَسْياً مَنْسِياً وعَصْفاً مأكولا… والأنكى، أن كل ذلك يتم، عبر “الوهّابية” و”الإخونجية” خِدْمَةً لثالثة الأثافي التي هي “الصهيونية”.. والأنكى أكثر، أنّ كل ذلك، يجري عبر استخدام اسم “الإسلام” في هذه الحرب الضروس على الإسلام والمسلمين، ومن خلال إشعال وتأجيج الفتنة، في مختلف ديار العرب والمسلمين، تباعاً، وبلداً إثر بلد….. فَتصَوَّرُوا – يا رعاكم الله – لو أن هؤلاء “العلماء” كانوا – لا سمح الله – علماء ذرة، فماذا كانوا سيفعلون بدولهم ومجتمعاتهم؟ أعتقد بأنّهم لن يكونوا، حينئذ قادرين، على ممارسة دور تدميري، أكثر من هذا الدور التدميري الفظيع، الذي يقومون به الآن .

-2-

[ تحذير!!!!! ]

أيتها الدولة السورية، ويا أيّها السوريون، إمّا أن تتركوا “حلب” محتلة من قبل آلاف الإرهابيين والسفّاحين والمجرمين والقتلة، وإمّا أن يصيب السعار أوربا وأمريكا، وَلِيكتشفوا فجأة، بأنّ الحكومة السورية، تستخدم الكيماوي، وليقرّروا تصعيد الدعم العسكري، للعصابات المسلّحة، وليقرر رموز “الوهّابية” “والإخونجية” في العالم “دب الصوت” وإعلان “الجهاد” ضد سورية، ولتقرّر مستعمرة “آل سعود” في الجزيرة العربية، بأنّ الجهاد في سورية، هو “جهاد” ضد إسرائيل، وجهاد ضد “حزب الله” لأنّ “أل سعود” اكتشفوا، أنّ سورية و”حزب الله” يقفون مع إسرائيل!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!.

لقد صار واضحاً، وضوح الشمس، بأنّ هذا الجنون والهذيان والهيجان، الذي انتاب المحور الصهيو-أميركي، وأذنابه الوهّابية -الإخونجية، لفشلهم في السيطرة على سورية، قد أدّى بهم، إلى الاستعاضة عن ذلك، بمحاولة تفجير كامل الشرق العربي، وإشعال نار الفتنة الخبيثة المسمومة فيه، حفاظاً على الأمن الاستيطاني الإسرائيلي، وتحقيقاً للهيمنة الصهيو-أطلسية، على كامل الوطن العربي، توهماً منهم بأنّ ذلك سيؤدّي إلى الحفاظ على عروشهم المنخورة.

لقد أرادوها حرباً شاملة على الأمة العربية والإسلامية، وبأدوات وأموال أعرابية ومتأسلمة.. ونحن نؤكّد لهم، بأنّ النصر لن يكون إلّا للشعوب الحرة التي قررت أن تدافع عن نفسها وعن استقلالها. مهما كان الثمن ومهما كانت التضحيات.

-3-

[ الثلاثي الصهيوني الليكودي: فابيوس –بندر-سعود ]

ثلاثة صهاينة ليكوديون قذرون (فابيوس) و(بندر بوش) و(سعود الهزاز): “لن يسمحوا بسقوط مدينة حلب!!!!!!!!” وكأنّ “حلب” عزبة أو مزرعة عائدة لهم، ورثوها عن آبائهم وأجدادهم، وكأنّها ليست مدينة سورية، وليست العاصمة الاقتصادية لسورية، وكأنّها لم تكن عاصمة الحمدانيين؟!؟!؟!؟!؟!.

لقد وصل العهر السياسي والأخلاقي إلى درجة غير مسبوقة في التاريخ.. وهذا العهر، لا دواء له، إلّا أيادي وأقدام الجيش العربي السوري البطل، الذي سوف يسحق، أدواتهم الإرهابية القذرة المستوردة من “82” دولة في العالم، وسيسحق عصاباتهم الإجرامية التي تعيث خراباً ودماراً في الربوع السورية، وسيضع حداً للعبث الذي ضرب أطنابه في بعض الربوع السورية.. ولكن العار والشنار، بأقذر أشكاله وتجلياته، يجلل أولئك الذين يقفون مع المحور الصهيو -أمريكي -الوهّابي -الإرهابي، في حربه الشنيعة الدموية على سورية، سواء بالفعل أو بالقول أو حتى بالسكوت عن أولئك الاستعماريين الجدد وأذنابهم، في حربهم العالمية الجديدة على سورية.

-4-

[ كيف أصبح عميد فنّي متقاعد، وهارب.. برتبة لواء؟! ]

ضابط فنّي متقاعد برتبة (عميد) اسمه (سليم إدريس) أُحِيل على التقاعد، قبل الأزمة في سورية.. هارب خارج الوطن، وملتحق بالمخابرات التركية والأمريكية والإسرائيلية وبعض الخليجية.. لم يقولوا لنا، كيف أصبح برتبة (لواء) ومَن الذي أصدر قراراً بإعادته إلى الجيش وترفيعه إلى تلك الرتبة.. فهل المخابرات الأمريكية أم التركية أم الإسرائيلية؟ أم هُمْ الذين أصدروا أمراً بإعادته إلى الخدمة، وترفيعه إلى رتبة (لواء) وتعيينه في منصب وهمي يسمّى (رئيس أركان الجيش الحر) مع أنّهم يعرفون أنه ليس هناك (جيش حر) ولا مَن يحزنون، بل هناك عشرات العصابات الإرهابية والمجموعات المسلّحة التي تدمّر وتقتل السوريين.

فقليلاً من الحياء، يا مَن تسمّون هذا الهارب من وطنه، بأنه (لواء) أو (رئيس أركان) أو ما شابه من المناصب الخلّبية.

وعلى أيّ أساس يجري تسويق هذا المتقاعد الهارب، برتبة ومنصب، لا وجود لهما إلّا في عالَم الأوهام؟!!!!!!!!!!!.

-5-

[ دور حزب الله في معركة “القصير” ]

(البحصة “بتسند” خابة) مثل شامي، يعرفه السوريون واللبنانيون، جيداً، وقد ذكره سيّد المقاومة “حسن نصر الله” للدلالة على الدور الذي قام به “حزب الله” في معركة “القصير”، وهو لم يغمط المقاومة، حقها في ما قامت به، ولكنه لم يسمح بالانزلاق إلى محاولة تضخيم وتكبير الدور الذي قامت به المقاومة، هذه المحاولة التي تستهدف الحط من قيمة الجيش العربي السوري، والتقليل من فاعليته وقدرته وقوته، وتركيز اﻷنظار على “حزب الله” تنفيذاً للإملاءات الصهيو -أميركية، في استهداف “حزب الله” العدو اﻷول لإسرائيل في العالم، و”أول الرقص، حنجلة” وقد بدأت الحنجلة، بموقف “مرسي العياط” المخزي والمشين، الذي سيسيء أكثر ما يسيء، وسيضرّ أكثر ما يضرّ بـ “مصر” نفسها.

-6-

[ مكتب الإرشاد العالمي للإخوان المسلمين ]

يخلع آخر ورقة توت، كان يتغطى بها، ليظهر “الإخوان المسلمون” على حقيقتهم، بأنّهم “الذراع الصهيونية” المتقدمة، في العالمين العربي والإسلامي، وتعرّوا وأظهروا الدور الجديد المناط بهم، وهو استهداف محور المقاومة العربية المتجسدة بشكل أساسي في “الدولة الوطنية السورية” وفي “حزب الله”، بعد أن عجزت إسرائيل وحلفاؤها الأطلسيون، عن هزيمة هذا المحور… ومَن يستمع لخطاب “مرسي العيّاط” المليء بالدجل والحقد والنفاق والبهتان والرياء والغباء، يدرك على الفور، أنه ينفّذ المهمة الموكلة إليه، من قبل المحور الصهيو – أميركي، مقابل الحفاظ على بقاء “الإخوان المسلمين” المصريين، في سدّة الحكم، ومقابل دعمهم وحمايتهم من غضبة الشعب المصري، بعد انفضاح تبعيتهم الذيلية المخزية، للمحور الصهيو-أمريكي، وبعد فشلهم الذريع في حل مشكلة واحدة من المشاكل الكبرى التي يعيشها الشعب المصري، بل وبعد استجلابهم لرزمة مشاكل جديدة، مضافة إلى المشاكل القائمة في “مصر”.

ولكننا نقول لهذا “العيّاط” العبيط، أنّ ما عجز عنه أسياده، سوف يفشل فيه، هو ومكتب إرشاده، وأنّ محاولاته البائسة، لشد عصب جماعته، مجدداً، عبر تزوير التحديات الحقيقية الكبرى التي يواجهها الشعب المصري، وعبر تجاهل ليس الخطر الصهيوني، فقط، بل عبر تجاهل التحدي الكبير في بناء سدود على منابع النيل، تهدف إلى تحويل “أم الدنيا: مصر” إلى صحراء قاحلة، عبر التحكّم بكميات الماء المتدفقة إليها، وعبر تحويل “مصر” من “هبة النيل” إلى “ساقية النيل”… إنّ ما يقدم عليه “الإخوان المسلمون ” عبر تأزيم الموقف وتصعيده وتسخينه وتسميمه وتلغيمه، هو مؤامرة كبرى على الشعب المصري، قبل أن يكون مؤامرة على الشعبين السوري واللبناني، بل وعلى الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، ومن البديهي، أن لا تمر هذه المواقف المتصهينة المفضوحة للإخوان المسلمين المصريين، على الشرائح والقوى والفعاليات المصرية الوطنية المستقلة، مهما رفع “مرسي العياط” عقيرته، ومهما حاول “الإخوان المسلمون” المصريون، صرف النظر، عن الهاوية التي يأخذون “مصر” إليها.

-7-

[ مَن هو الأسوأ: الأصل أم الفروع؟! ]

الأسوأ والأقذع من “الوهّابية” و”الإخونجية” هم “دول الاتحاد الأوربي” الذي اختلقوا وأوجدوا هذين التنظيمين التلموديين، لاستخدامهما ضد “الإسلام” وضد “العروبة” معاً، ولم تكتفِ دول الاتحاد الأوربي وأمريكا بذلك، بل تعادي وتحاصر أي دولة عربية، ترفض الانخراط في طابور التبعية والذيلية لها، والآن تقف جهاراً نهاراً، مع العصابات الإرهابية الظلامية التي تقوم بتدمير وقتل الشعب السوري، ولا تجد غضاضة في هذا الموقف المخزي، بل تعمل على تسويق هذا الموقف، بأنه وقوف مع الشعب السوري.. أي يقومون بقتل الشعب السوري، تحت شعار الوقوف مع الشعب السوري.. فمَن هو الأسوأ والأقذع، الأصيل الأوربي والأمريكي، أم الذيل والتابع الأعرابي الوهّابي والإخونجي؟؟.

كلاهما أسوأ من الآخر.

-8-

[ الغزو الدولي المتنوع الأشكال، لبلاد الشام ]

تواجه (سورية) غزواً إفرنجياً جديداً.. وغزواً عثمانياً جديداً.. وغزواً صهيونياً جديداً…. وأدوات هذا الغزو، هي: البترودولار اﻷعرابي – والتأسلم الوهّابي التلمودي -والتأسلم اﻻخونجي البريطاني الاستعماري المنشأ… وغاية هذا الغزو (السداسي) الدولي-الإقليمي-اﻷعرابي، هي سحق هذا الشرق العربي الذي عجزت جميع الغزوات والحروب السابقة، عبر مئات السنين، عن تحقيقه.. والمفتاح لتحقيق ذلك – في نظر هؤلاء الغزاة – هو سحق قلب هذا الشرق العربي، واجتثاث عاصمته السياسية (دمشق) وعاصمته الاقتصادية (حلب)، وفتح الطريق لدخول هذا الشرق العربي (الذي هو قلب العالَم، ومنشأ الحضارات الإنسانية)، دخوله حرب المئة عام، بحيث يتحول إلى مئات الشظايا المتفجرة، التي تقوم بتدمير ذاتي متواصل، إلى أن يجري اجتثاث هذا الشرق من الوجود…. هذه هي الخطة الاستعمارية الجهنمية الجديدة… ومَن يرفض رؤية هذا المخطط الرهيب، إمّا أنه جاهل ومغفّل، أو أنه مأجور ومرتهن، أينما كان وحيثما كان…. والسلاح اﻷخطر في هذه الحرب الكونية على هذا الشرق هو (اﻹسلام السياسي) التابع المنفّذ لأهداف هذه الحرب، عبر العمل الحثيث المتواصل، لتزوير هذه الحرب وتسويقها، على أنّها صراع طائفي أو مذهبي.. وعلينا أن لا ننسى بأنّ هناك (إسلام سياسي) مستقل متحرر من الهيمنة الاستعماربة، ويشكّل عنصراً رئيسياً في مواجهة هذه الهجمة اﻻستعمارية غير المسبوقة.. وأيّ محاولة لوضع هذين التيارين الإسلاميين، في خانة واحدة، لا تعدو كونها، دعماً للمشروع اﻻستعماري، وإضعافاً للمشروع التحرري الوطني والقومي واﻹنساني… وما هو مؤكد، أنّ هذا المشروع الاستعماري الجديد، سوف يتحطم على أبواب القلعة السورية.

-9-

[ بين “الأسد المتأهّب.. وأسد الشام ]

في معمعة الحرب، المتنوعة الأشكال، بين ذراع الأطلسي (“الأسد المتأهب” للتراجع والهرب) وبين (الأسد الصامد الشامخ في عرينه بـ “قاسيون”)، من المؤكّد، أنّ النصر الكاسح، لن يكون إلّا لأسد بلاد الشام، مهما كان نوع الحرب ومهما كان حجمها، ومهما تطوّرت واتّسعت أبعادها….. لماذا؟ لأنّ أسد الشام، يدافع عن بلاد الشام، ويدافع عن العروبة الحرة المستقلة، ويدافع عن الإسلام القرآني المحمدي المتنوّر، ويدافع عن المسيحية المشرقية… في وجه العدوان الصهيو-أميركي-الوهّابي-الإرهابي…. وهل يمكن لمَن يخوض معركة دفاعية مقدّسة كبرى، من هذا النمط من المعارك، أن لا ينتصر انتصاراً ساحقاً على عدوه، مهما كانت التضحيات ومهما تكتّل الأعداء والخصوم، ضده؟؟؟؟؟؟ بالتأكيد، سوف يتكلّل رأسه بأكاليل الغار والفخار.. ومَن لا يصدّق ذلك، نقول له: المستقبل القريب هو الحكم الفصل، الذي سيلقمكم حجراً، بل كومة من الحجارة، الكفيلة بإخراسكم وتلقينكم الدرس المناسب.

-10-

[ في الذكرى الثالثة عشرة، لرحيل القائد الخالد ]

ثلاثة عشر عاماً، مضت على التحاق القائد الخالد (حافظ الأسد) بالرفيق الأعلى، عندما فاضت روحه، صبيحة العاشر من حزيران، عام (2000)، بعد أن أمضى ثلاثين عاماً، وهو يوجّه دفّة القيادة، ليس في سورية وحدها، بل في هذا الشرق العربي، وترك بصمات، ستبقى آثارها، للأجيال القادمة، عندما أنهى ظاهرة الانقلابات العسكرية، المتلاحقة في سورية… ثم جعل من الجيش السوري الصغير، نسبياً، جيشاً عربياً، يحسب له ألف حساب، عندما شكّله ونظّمه ودرّبه وسلّحه، وحوّله إلى جيش وطني محترف على الصعيد القتالي، عقائدي على الصعيد السياسي، يحمل رؤية قومية عربية، مقاوم، ممانع، بحيث صار درعاً يحمي الوطن ويصونه، وسيفاً يلقّن درساً، لكل مَن تسوّل له نفسه، النيل من الوطن، سواء على الصعيد الخارجي، أو على الصعيد الداخلي.

وأمّا على الصعيد الاستراتيجي، فقد حوّل سورية، من لعبة إلى لاعب، وأعادها إلى سيرتها التاريخية الأولى، مركزاً لصنع القرار في هذه المنطقة، بعد أن كانت، لمئات السنين، جرماً يدور في فلك الآخرين…. وعلى الصعيد الاقتصادي والتنموي، فقد نهض بسورية، نهضة لم تشهدها منذ قرون عديدة، وبنى بنية تحتية عملاقة، أثارت إعجاب المنصفين، بل وحتى الحياديين، في هذا العالَم، رغم الإمكانات المادية المتواضعة في سورية، ولكنه أحسن وأجاد وأبدع في استثمار هذه الإمكانات المادية، رغم تواضعها، بحيث استطاع الانتقال بسورية، قفزات هائلة إلى الأمام، لم تكن تدور بخلد أكثر الناس تفاؤلاً في سورية…. ولم يفرّط بمتر واحد من أرض وطنه، رغم جميع المحاولات لدفعه وإجباره على ذلك… ولم يتخلَ، لحظة واحدة عن القضية الفلسطينية، وبقيت فلسطين هي القضية المركزية، للدولة الوطنية السورية، وهي المقياس والبوصلة والهدف، الذي لا يمكن التفريط به، مهما عظمت التحديات، ومهما تراكمت الصعوبات، ومهما تلاحقت التفريطات والخيانات، سواء من القريب أو من البعيد…. وحمى لبنان من التقسيم، وأوقف الحرب الأهلية فيه، وأعاد بناء الدولة اللبنانية ومؤسساتها، ووضعه على سكة السلم الأهلي….. ولأنّ القائد الخالد حافظ الأسد، كان أسطورة في كل شيء، فقد استهدفه أعداء العرب وأعداء الإسلام، سواء عبر إسرائيل وحلفائها، أو عبر عصابات “الإخوان المسلمين” الذين التحقوا بالمخطط الصهيو-أميركي، ووضعوا أنفسهم في خدمة هذا المخطط، في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، عندما حاولوا جر سورية، إلى مستنقع الحرب الأهلية، ولكن حنكة وحكمة القائد الخالد، تمكّنت من إجهاض ذلك المخطط الرهيب، وأعادت سورية إلى سكة السلامة….. ولكن الهدية الأكبر التي قدّمها القائد الخالد، لسورية، كانت هي، رمح عربي شامخ صامد ماجد، لا يهاب في الحق، لومة لائم، ولا ينثني ولا ينحني، إلّا لله عزّ وجلّ.. إنه الرئيس (بشّار الأسد) الذي حفر اسمه، في سجل الخالدين، عندما برهن، عبر ثلاثة عشر عاماً، أنه قائد من طراز استثنائي فذ، بعد أن حافظ على سورية، في مواجهة القطبية الواحدة الصهيو-أميركية، والتي بدأت، منذ اليوم الأول، بالتآمر عليه، بالسياسة وبالدبلوماسية وبالاقتصاد وبالأمن، وعندما لم ينجحوا في ترويضه وتركيعه، انتقلوا – في مناخ “الهوجات” العربية المصنّعة أمريكياً – إلى شنّ حرب كونية على سورية، من أجل تحطيمها وتفتيتها، وإلغائها من التاريخ والجغرافيا، ولكن الصمود الأسطوري، للقائد العملاق (بشّار الأسد) وهو يقود شعبه وجيشه، في هذه الحرب، أجهض ذلك المخطط الاستعماري الرهيب، وإن بتضحيات هائلة، كان لها الفضل الأكبر في إسقاط ذلك المخطط الفظيع.

وسيبقى (حافظ الأسد) و(جمال عبد الناصر) أعظم قائدين عربيين في القرن العشرين، وسيذكرهما التاريخ، بالإجلال والإكبار، لمئات السنين القادمة، رغم أنف جميع أعداء العرب والإسلام .

-11-

[ ماذا تريد سورية من “أشقّائها العرب”؟!! ]

تصوّروا.. أنّ كل ما يطلبه السوريون ” شعباً وجيشاً وقيادة” من أشقائهم العرب “والأدق: الدول العربية”، هو:

(1) أن لا يقفوا ضدهم، هو:

(2) أن لا ينساقوا في ركاب المشروع الصهيو-أميركي، للاستحواذ على سورية، أو لتدميرها، هو:

(3) أن لا يجعلوا من أراضيهم، قواعد ومحميّات وثكنات، لتجميع الإرهابيين وتنظيمهم وتدريبهم وتمويلهم وتسليحهم وتمريرهم، إلى داخل سورية، لقتل أبنائها وتدمير مقدراتها، هو:

(4)  أن لا يقفوا مع إسرائيل وحلفائها، ضد سورية، هو:

(5 أن يحافظوا على أمن بلدانهم، عبر الامتناع عن إشعال النار في سورية، وعن صبّ الزيت عليها، لأنّ ذلك، سيؤدي حكماً، لامتداد هذه النار إلى بلدانهم….

تصوّروا أنّ السوريين، لا ينتظرون من أشقائهم، الوقوف معهم، بل كل ما يأملونه منهم، هو أن لا يقفوا ضدهم، بل أن يكتفوا بالوقوف على الحياد، ويتفرّجوا على العدوان الصهيو-أطلسي وأدواته، عليهم، وأن يتركوا سورية “بحالها” ويدعوها تقلع الشوك بأيديها وحدها، من غير أن يتحوّلوا إلى خناجر مسمومة، تطعنها في ظهرها وصدرها، ومن غير أن يؤازروا أعداءها، لتدميرها وتفتيتها.

فهل هذا كثير؟!؟!؟!؟!؟! ومع ذلك، لا يكتفي هؤلاء الأشقاء – بمعظمهم – باتخاذ المواقف المخزية المشينة ضد الشعب العربي السوري، بل” يفلسفون” مواقفهم هذه، بأنّها “وقوف مع الشعب السوري!!!!!!!!” وكأنّ مَن يحاربون سورية الآن، من أساطين الاستعمار القديم والحديد، وقفوا أو يمكن أن يقفوا، يوماً، مع الشعب السوري، أو مع الشعب الفلسطيني، أو مع أي شعب عربي، أو وقفوا أو يمكن أن يقفوا، إلّا ضد شعوب العالم عامة، وضد شعوب الأمة العربية خاصة؟!؟!؟!؟! لقد تعرّى النظام العربي الرسمي، من جميع ثيابه الداخلية، وظهر على حقيقته، بيدقاً ملحقاً بـ “العمّ سام” ومشاريعه الاستعمارية الجديدة في المنطقة.. وأكبر برهان على ذلك، هو ما قامت به، ما تسمّى “جامعة الدول العربية” من دور مهين، لكل ما هو عربي، ومن التحاق فاضح بالمحور المعادي للدولة الوطنية السورية، شعباً وجيشاً وقيادة.

-12-

[ المعارضات السياسية في وادٍ.. والعصابات المسلّحة في وادٍ آخر ]

المعارضات السورية السياسية، لا تمون على العصابات اﻹرهابية المسلّحة الفاعلة على اﻷرض.. وهذه اﻷخيرة – أي العصابات المسلّحة – دواؤها الوحيد واﻷكيد، هو السحق، طال الزمن أم قصر… أمّا المعارضات السورية، بمعظمها، فهي عاجزة عن اﻻنخراط في بناء الوطن، طالما بقيت مرتهنة للخارج، أو مراهنة عليه، وطالما بقيت تنتظر قيام العصابات اﻹرهابية المسلّحة، بضعضعة الدولة الوطنية السورية، لعلها تحظى – بسبب ذلك – بحصة وازنة لها في كعكة السلطة… وتبقى المعارضة الوطنية التي لم تراهن على الخارج المعادي لسورية، بل تراهن فقط، على الشعب السوري، ولا تعادي النظام السياسي الوطني في سورية، وإن كانت تختلف معه، بل تمد أيديها إليه، من أجل إعادة بناء الوطن بأفضل مما كان.. وهذه، فقط، هي المعارضة التي يعوّل عليها الشعب السوري.

-13-

[ الخنفسة التي تَمُدُّ سَاقَها ]

هناك مثل شامي طريف، يقول: (عندما يَحْدُونَ الخيل، تمدّ “الخنفسة” ساقها) وينطبق هذا المثل على بعض المتطفّلين على الصحافة، من المرتزقة والمأجورين والأميّين والعاطلين عن العمل، كما ينطبق على بعض المواقع الإلكترونية “المتعيشة” على باب الله، أو للـ “البروظة” أو “المأجورة” أو “المرتهنة” والتي تشترك – أي هذه المواقع – في انعدام المهنية، وفي انعدام الأهمية، وفي انعدام الفهم، وتعوّض عن ذلك كله، بتلال من البذاءة، والسفاهة، والدناءة، ظناً من أصحابها، بأنّ ذلك قد يغطّي على جوهرهم الفعلي…. وكم هو ساذج، مَن يتوهم أنه يمكن أن يكون لهؤلاء، أيّ تأثير مهما كان ضئيلاً وخافتاً، في عالم مليء، بآلاف الفضائيات المتنوعة، التي تملأ جنبات الأرض، وتبث ليلاً نهاراً .

-14-

[ الفرس المجوس الصفويون الأرفاض!!!! ]

أولئك المتشدّقون، بالتحدّث عن “إيران” بلغة عنصرية بغيضة، إنما يعبّرون عن حقيقتهم هم، وليس عن حقيقة “إيران”.. عندما يصفون الإيرانيين، بأنّهم “فرس مجوس صفويون أرفاض!!!!!”.. وإذا حلّلنا هذه المواصفات الأربعة، فإننا لا نجد فيها تهمة، ولا عيباً، ولا سبّة ولا شتيمة.. فالفرس قومية، كباقي القوميات الأخرى في العالم، بل هي من أعرق القوميات… والمجوسية، كان الفرس يدينون بها قبل الإسلام، كما كان العرب يدينون بالوثنية، قبل الإسلام – مع ملاحظة أنّ المجوسية، أفضل من الوثنية -… والرافضية هي تعبير عن خلاف سياسي، وليس خلافا دينياً، ومن الخطل تحويلها إلى تهمة، بعد مضي أربعة عشر قرناً عليها… أمّا الصفوية، فهي انتماء إثني أو عرقي، كما هو عليه الحال، لدى مختلف الإثنيات والأعراق.

وباختصار، فالغاية من كل ذلك، هي نسيان ونسخ واستبعاد العداء مع الصهيونية الإسرائيلية، واختلاق صراع جديد، تريده وتطالب به إسرائيل وحلفاؤها وأصدقاؤها.. ومن يتنطّحون لأداء هذه المهمة غير الشريفة -من بني جلدتنا- يضعون أنفسهم، شاؤوا أم أبوا، في خدمة إسرائيل، وضد العروبة والإسلام معاً، حتى لو ارتدوا مئة رداء ورداء، لتغطية حقيقتهم وجوهرهم، وتحوّلوا إلى متصهينين جدد، منذورين لخدمة الصهيونية، في مواجهة العروبة والإسلام والمسيحية المشرقية.

-15-

إذا كان الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” قد قال: (كان بوسع الرئيس السوري “بشّار الأسد” تفادي نشوب الحرب، من خلال تلبية طلبات التغيير، وإجراء “الإصلاحات” في بلده) فالحصيف، يفهم فوراً، بأنّ المقصود بهذا القول، هو أنّ “الرئيس بشّار الأسد” كان يستطيع تفادي الحرب التي شنّها عليه وعلى بلده، المحور الصهيو-أمريكي وأذنابه، لو أنه قام بـ “التغيير” الذي أرادوه منه، بمعنى لو استجاب لطلباتهم ورغباتهم، بتسليم “سورية” بـ “الضبة والمفتاح” لهذا المحور، ولو ارتضى أن تصبح سورية، بيدقاً بيدهم وجرماً تابعاً يدور في فلك الكيات الإسرائيلي الغاصب.

وأمّا “الإصلاحات” المنشودة من قبل هؤلاء، فهي أن تنتقل سورية، من نهجها السياسي والاقتصادي المستقل، الذي يجسّد طموحات ومصالح أغلبية الشعب السوري، إلى نهج سياسي واقتصادي تابع خانع، عاجز عن التنفس إلّا من مسامات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وعاجز عن التحرّك إلّا بأمر خارجي، وعاجز عن السير إلّا حسب الوصفات الدولية الاستعمارية الجديدة، بحيث تتحول سورية، إلى بيدق صغير وتابع أجير، في خدمة الاستعمار الأطلسي-الصهيوني الجديد، مقابل فتات “يجود” به عليها، هذا الاستعمار – ومن جيبها – كما هو حال أذناب “العمّ سام” في المنطقة.

هذا هو “التغيير” وهذا هو “الإصلاح” اللذين كانا كفيلين، بمنع شنّ الحرب الدولية الصهيو -أميركية – الوهّابية – الإرهابية على سورية، ولكن مقابل أخذها إلى خانة التبعية، تمهيداً لتفكيكها وتفتيتها وتقسيمها وإخراجها من التاريخ والجغرافيا وإلغائها من الوجود، في المستقبل القريب.

ولكن عظمة الشعب السوري والجيش السوري والأسد السوري، أجهضت هذا المخطط الاستعماري الجديد، وجرى تقديم تضحيات أسطورية، لإفشال هذا المخطط، وستنهض سورية، قريباً، كما ينهض طائر الفينيق من الرماد، لتكون قاطرة المنطقة، وحاضرة الشرق، وبوصلة العالم.

-16-

عندما تكون على حق مبين… وعندما تؤمن بحتمية النصر… وعندما تمتلك اﻹرادة والتصميم والقدرة على تحقيق النصر، فسوف يتحقق لك النصر المبين، حتى لو وقفت ضدك، جميع قوى الاستعمار القديم والجديد، وأذناب اﻻستعمار وبيادقه وحثاﻻته.

-17-

كم يدعو للاستغراب والدهشة، تنظيرات بعض “المنظّرين” اللبنانيين، الذين يستفيضون بالتحدّث عن تحقيق الديمقراطية والعلمانية، ولكن من منطلقات طائفية ومذهبية!!!!!!!!!.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.