دقماق وبكري في قفص الاتهام

islamists

صحيفة الأخبار اللبنانية ـ
رضوان مرتضى:

يتبرّأ معظم المشايخ السلفيين في طرابلس من الشيخين بلال دقماق وعمر بكري فستق، معتبرين أنهما يُسيئان إلى المنهج السلفي وينقلان صورة خاطئة عنه. يرد دقماق بأنّ الموقف منه شخصي: «يحسدونني ويغارون مني»، فيما يذهب بكري إلى القول: «هداهم الله، معذورين لأني أهاجم مصدر رزقهم ووليّ نعمتهم»

لا يتردد الشيخ بلال دقماق، بل يُجيب فوراً: «يغار المشايخُ منّي لأني أكثرهم شهرة». حاله كحال الشيخ عمر بكري فستق الذي يُطلقها بهدوء: «يكرهني هؤلاء لأني أهاجم وليَّ نعمتهم الطاغوت السعودي والطاغوت القطري». عبارةُ كلّ منهما جاءت في سياق حديث طويل ردّاً على سؤال حول موقف معظم المشايخ السلفيين منهما، علماً بأن هناك حال تبرّم واسعة تسود الأوساط السلفية من «تخبيص الثنائي ومواقفهما غير المحسوبة». إذ يعتبر عدد من وجهاء السلفية أن «الرجلين لا علاقة لهما بالمشيخة والعلوم الشرعية ولا بالسلفية من أساسها». ويرى هؤلاء أنّ «الوسائل الإعلامية تتعمّد استضافتهما إمعاناً في تشويه صورة السلفية»، باعتبار أن «الاثنين يستجيبان لرغبة الإعلام فيجهدان لإثارة الرأي العام كسباً لمزيد من الشهرة المريضين بها». وبالتالي، «ينعكس ذلك سلباً وتحريضاً على الطائفة السنية وأهلها والمنهج السلفي». بل أكثر من ذلك. يذهب بعضهم إلى القول إن «دقماق منتحل صفة شيخ، وفستق عميل لجهاز الاستخبارات البريطانية». لا تنتهي المسألة عند هذا الحد. يستعيد أحد المشايخ السلفيين ملاحظاته على «سلوك دقماق الأخلاقي المسيء للسلفية»، مذكّراً بأنّ الأخير «متّهمٌ أمام القضاء بالتحرّش بزوجة أحد السجناء وبمحاولة اغتصاب زوجة صديقه». ليس هذا فحسب، يسترجع الشيخ نفسه عدداً من الحوادث التي يضعها في خانة: «مغامرات بلال دقماق». فيذكر أنّ الأخير «ضُبط يتجوّل مرتدياً نقاب امرأة»، فضلاً عما ضجّت به طرابلس، مما عُرِفَ تهكّماً بـ«غزوة بلال دقماق». حينذاك، اعتدى دقماق بالضرب على أحد الأشخاص ثم وضعه في صندوق سيارته بقوة التهديد بالسلاح. ولم يكتف بذلك، بل ساقه إلى فصيلة قوى الأمن الداخلي، طالباً من الضابط توقيفه، ولمّا استفسر منه الضابط عمّن يكون وبأي صفة يتحدث، ردّ بأنه الشيخ بلال دقماق من قبل المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي. هنا خابر الضابط النائب العام الذي اتصل بدوره باللواء ريفي مستفسراً، لكن الأخير أكّد أنه لا علم له بما قام به دقماق، ليتم توقيف «الشيخ» بتهمة الاعتداء على مواطن وخطفه وحيازة سلاح غير مُرخّص. وأيضاً وأيضاً، يأخذ المشايخ على دقماق جهله بلغة القرآن أي اللغة العربية، فيشيرون إلى أن جميع بياناته الإعلامية تضج بعشرات الأخطاء الإملائية البسيطة التي يستحيل أن يرتكبها رجل دين، حتى لو كان مبتدئاً. كذلك يرتاب هؤلاء من علاقته بالأجهزة الأمنية. فضلاً عما يُتناقل عنه بأنه «يُسجّل جميع اتصالاته واجتماعاته من دون علم أصحابها». هذا في ما خصّ دقماق. أما الشيخ عمر بكري فستق، فله حكاية ثانية تختلف عن دقماق، علماً بأن صداقة كانت تجمعهما، فُضّت بعد توقيف فرع المعلومات للشيخ القادم من بريطانيا، فاتّهم بكري صديقه بأنه مخبرٌ لدى الأجهزة الأمنية. موقف المشايخ من بكري له أرضيةٌ أخرى. إذ يعيش هؤلاء توجّساً من مواقف الأخير وخلفياته ومشروعه. يأخذون عليه «مغالاته في إظهار الجانب الذي يُخيف الناس من السلفية»، فيذكر أحدهم أن فستق «يتعمّد الحديث عن فقه النحر (الذبح) والتوحّش ومآثر تنظيم القاعدة أمام وسائل الإعلام، ما يؤدي إلى نفور الناس من السلفية مقابل كسبه شهرة موهومة». وقد جرى أخيراً توزيع بيانات وتداول رسائل قصيرة على الواتس أب، تُحذّر من أن «مواقف دعيّ المشيخة فستق تُحرّض على طرابلس وأهل السنة وستؤدي في نهاية المطاف إلى ضرب المدينة عسكرياً». كما جرى تداول خطبة للشيخ د. عبد الرحمن دمشقية يُحذّر فيها من «دعيّ المشيخة والعلم عمر بكري هداه الله»، قائلاً إن الأخير «انطلق من أكذوبة أنه تخرّج من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وجامعة أم القرى بمكة المكرمة، علماً بأنني كشفت عنه أنه لم يكن سوى عامل كهرباء».
لا يُشبه الشيخان السلفيان دقماق وبكري غيرهما من مشايخ السلفية في طرابلس. تخطّت شهرتهما عاصمة الشمال بعدما أصبحا نجمين تلفزيونيين. لكلّ منهما فلسفته الخاصة التي يتمسّك بها ويُدافع عنها. في اتصال مع «الأخبار»، يردّ الشيخ دقماق على الاتهامات منطلقاً من قاعدة: «لا تدخلوا في الشخصي وحاسبوني على مواقفي». فيعتبر أن «الاتهامات مُغرضة لتشويه صورتي»، كاشفاً أن الدافع وراءها «الحسد والغيرة مما أصبحت عليه». يضيف دقماق: «أنا أقول ما لا يجرؤون هم على قوله»، مشيراً إلى أن «كبريات الصُحف ووسائل الإعلام الدولية تستأنس بأحاديثي ومواقفي». يقول دقماق: «أنا من قدامى السلفيين، تفرّغت للدعوة السلفية منذ عام 1989، كنت سلفياً عندما لم يكن هناك سوى 4 أو 5 مشايخ سلفيين». أما ما يتردد عن أنه منتحل صفة شيخ، فيرد دقماق: «أنا مثلي مثلهم… ربما لم أدرس في معاهد شرعية، لكني أملك تحصيلاً شخصياً وخبرة شرعية جيدة». ويكشف دقماق أن بعض مشايخ السلفية يستبعدونه عن اجتماعاتهم، علماً بأنهم يُظهرون في وجهه كل الودّ، فيسأل مستفسراً: «هل باتوا يعتمدون التقية أيضاً؟». يستطرد دقماق، معتبراً أن «الحسد طبيعي، فقد كان بين النبي يوسف وإخوته للأسف الحسد من كبارهم بعدما بات لي علاقات دولية هم لا يملكونها». ويختم دقماق حديثه ضاحكاً: «أنا أُسامحهم وأكنّ لهم كل الاحترام، لكن حرامٌ عليهم شق الصف والتلهي بالتصويب بعضنا على بعض».
بدوره، يرى الشيخ عمر بكري أن مواقفه مرفوضة من المشايخ الموالين للأنظمة الخليجية، كاشفاً أن «معظم مشايخ السلفية في لبنان يوالون النظام السعودي الكافر». ويعتبر بكري أن كل من يوالي النظام السعودي يُدافع عن الطاغوت. ويقول إنه ينتمي إلى التيار السلفي المناوئ لكل الأنظمة من سعودي وقطري وتركي وإيراني. ويذكر أنه في «استراحة محارب»، كاشفاً أن نشاطه يقتصر على خارج لبنان في «تدريس الإخوان عبر شبكة الإنترنت في معظم أوروبا وجنوب أفريقيا».
وحول ما تردد عن كونه مدّعي مشيخة، ردّ قائلاً: «كي ترتاحوا، أنا من الأمّيين الذين بُعث فيهم محمد، لكن ذلك لن يُغير من موقفي من قطر والسعودية وبأن من يوالي أميركا في قتال المسلمين مرتدٌ كافر». كذلك ذكر بكري لـ«الأخبار» أنه تعرض لتهديدات كثيرة بطرده من طرابلس، مشيراً إلى أن مصدرها «مشايخ وأتباع مشايخ يرون في وجودي خطراً عليهم». وختم قائلاً: «ردوا على الأحكام الشرعية. أليس ما أقول صحيحاً؟ أنا جاهز للمناظرة أو المباهلة أو أيّاً يكن. أنا بعون الله على حق، وعليهم أن يتوبوا إلى الله».

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.