ما هي فرص الحرب في الكوريتين؟

korea-north-south1

موقع إنباء الإخباري ـ
علي مطر:
يوماً بعد آخر تتصاعد حدة التوتر بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية مدعومة من الولايات المتحدة الأميركية. فبعد أن هددت يبونع يانغ بقصف الولايات المتحدة الأميركية وتوجيه صواريخها ومدفعيتها باتجاه الولايات المتحدة، وباتجاه أراضي كوريا الجنوبية، لا سيما خلال المناورات التي أجرتها الأخيرة مع القوات الأميركية، توعّدت بارك جون هاي، رئيسة كوريا الجنوبية بـ “ردّ عسكري قوي وسريع على أية استفزازات كورية شمالية، بغض النظر عن العواقب السياسية لذلك”، وأعلنت الولايات المتحدة أن “مقاتلتي شبح من طراز “أف-22 ” انضمتا الى قاذفات “بي-52 “و”بي-2 ” التي تشارك في المناورات العسكرية الجارية بين الجيشين الاميركي والكوري الجنوبي”، فما هي فرص الحرب بين الكوريتين؟

ربما يقول قائل إن كوريا الشمالية عاجزة عن فتح معركة ضد كوريا الجنوبية وبطبيعة الحال ضد الولايات المتحدة الأميركية بمفردها، وهذا صحيح، ولكن التوازنات الدولية اليوم مختلفة تماماً، ولكل من الدول حليف قوي يقف معها، وهذا ما يعيدنا إلى زمن الاحلاف والتكتلات العسكرية والسياسية، وبالتالي فإن خيار الحرب يبقى مفتوحاً طالما أن هناك دولة لديها قدرات على خوض الحرب في حال تلقت دعم حليف قوي سواء كان خفياً أو ظاهراً. ولكن هل فعلاً سيؤدي هذا إلى حرب، كون أن بيونغ يانغ باتت ترى نفسها قوية وقادرة على خوض غمار خيار كهذا، بعد أن وصلت درجة الاستفزاز الجنوبي ضدها الى حد المناورات مع القوات الاميركية في رسالة تهديد كبيرة لها، ما جعلها توقف اتفاقية وقف اطلاق النار الموقعة بين الكوريتين.

ليس بالضرورة إذا كانت كوريا الشمالية قوية أن تخوض حرباً ضد الولايات المتحدة الأميركية، قد تخوض معركة صغيرة ضد كوريا الجنوبية لكن لن تتحول إلى حرب كبرى بهذه السرعة، لا سيما أن الجنرال الالماني كارل فون كلاوزفيتز عرّف الحرب بأنها “أفضل وسيلة للدبلوماسية”، وبالتالي فإن أفضل وسيلة لمنع الحرب هي الحديث عن احتمال الحرب، وتاريخ كوريا الشمالية يثبت أن زعمائها يستخدمون دبلوماسية حافة الهاوية لتثبيت خياراتهم، فما هي الأسباب التي تمنع وقوع الحرب؟:

1 ـ منطقة آسيا لا تتحمل حرباً بهذه العظمة في هذا التوقيت الدقيق الذي يمر به الشرق الأوسط، والتهاء الدول الكبرى عن خوض حرب في غير منطقة من العالم.

2 ـ إن حلفاء الكوريتين ليسوا جاهزين لخوض الحرب، ولا يريدون وقوعها بالقوة التي يتصورها البعض، وإن كان البعض يؤيد حصول معركة محصورة تؤدي إلى تنفيس الاحتقان الدولي، لا سيما بين الدولتين الكبيرتين روسيا والولايات المتحدة الأميركية، فتكون هذه الحرب بمثابة مثال لما كان يحصل في زمن الحرب الباردة.

3 ـ إن كلاً من المعسكرين اللذين تنتمي اليهما الكوريتان، لا تنقصهما القوة ولا التسلح لخوض حرب طاحنة، قد تتحول إلى حرب عالمية يروح ضحيتها مئات الآلاف من البشر وتدمير مدن بأكملها، لا سيما أن كل من المعسكرين يريد تثبيت قوته على الآخر، ولذلك فإن قادة الدول الكبرى تعي أن أي حرب ستتسع لتلتهم دولاً كثيرة على الخارطة.

4 ـ سيول ليست قادرة بمفردها على خوض حرب ضد كوريا الشمالية، والعكس صحيح. فبيونغ يانغ لا تستطيع خوض الحرب بمعزل عن حلفائها، وفي حال التهوّر بفتح المعركة قد لا يسارع الحلفاء للقتال بجانبها ولو كانت متفوقة، بل سنرى الدخول على خط المفاوضات لإنهاء المعارك في أسرع وقت ممكن، لأن الوضع لا يسمح بغير ذلك.

5 ـ التهديدات التي يطلقها الطرفان هي تهديدات سياسية، لعرض العضلات والتنفيس عن الاحتقان الحاصل لدى الطرفين، وبالتالي من المستبعد خوض هذه الحرب.

6 ـ لا يقوى اقتصاد الكوريتين على تحمل خسائر الحرب التي ستحصل، وبالتالي سيحصل إنهيار إقتصادي قد يؤدي إلى تراجعهما بشكل كبير. لا سيما إن بين الدولتين تعاون إقتصادي كبير يفوق المليار دولار.

7 ـ ترى الولايات المتحدة الأميركية أن هناك تهديداً لها، لكنها لا ترى أن هناك تعبئة عسكرية تؤدي إلى حرب من قبل كوريا الشمالية، وخصوصاً مع دخول روسيا والصين على خط المفاوضات.

ومع ما تقدم فإن خيار الحرب يبقى قائماً، ولا يمكن استبعاده بشكل كبير، لاسيما إن الولايات المتحدة الأميركية تستغل أية فرصة سانحة لكي تثتب قوتها وتفوقها، على من تعتبرهم “أعداءها” ومن يشكّلون بنظرها تهديداً لعظمة أميركا.

وبالتالي فإن خيار الحرب يبقى موجوداً ضمن الخيارات، مع ملاحظة أن الولايات المتحدة نشرت قرب سواحل كوريا الجنوبية مدمّرة قادرة على اعتراض الصواريخ، في خطوة تضاف إلى سلسلة خطوات قام بها الجيش الأميركي مؤخراً لمواجهة نظام بيونغ يانغ.

لكن ما قد يردع الخطوة الأميركية الاستباقية هو قوة التنين الصيني والعملاق الروسي، في ظل بدء تغيّر النظام العالمي الجديد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.