تصاعد تدريجي في موجات الحراك الشعبي السعودي يؤشر على قرب انهيار النظام الوهابي الهرم


صحيفة المجد الأردنية:
ذكرت تقارير دبلوماسية غربية ان ظاهرة انتشار الحراك الشعبي في السعودية ليشمل العديد من مناطق البلاد، يشكل دليلاً قاطعاً على قرب سقوط رهان الطائفية الذي طالما تشبث به ووظفه نظام القبيلة السعودي الحاكم في بلاد الحرمين لتأليب الرأي العام ضد اي حركة مطلبية حقوقية تشهدها السعودية بالوقت الحاضر·
واوضحت هذه التقارير ان انتشار الحراك الشعبي المطالب بالتغيير في عموم مناطق السعودية وعدم اقتصاره على منطقة دون اخرى، بمثابة دليل واضح على ان نظام القبيلة الفاسد الحاكم في بلاد الحرمين لا يمكنه الافلات من رياح التغيير التي حملها الربيع العربي ليكتسح النظام السياسي العربي الفاسد برمته، الى ما لا نهاية، فها هي بشائر التغيير الجذري المرتقب بدأت تهب في عموم مناطق بلاد الحرمين بالرغم من القمع الوحشي الذي تتعرض له على يد ازلام النظام القبلي المتخلف الذي ظل يسحق حقوق الانسان السعودي لاكثر من ثمانية عقود·
واشارت التقارير الدبلوماسية الى ان النظام قد حاول الهروب الى الامام من خلال الظهور بمظهر المحامي والمدافع عن الديمقراطية في هذا البلد او ذاك، كما حصل مع اليمن بالامس ويحصل اليوم في سوريا، الا ان كل محاولاته الهادفة للهرب الى الامام، قد فشلت وستفشل فشلا ذريعا، فالسعودية لم تعد في منأى عن رياح التغيير مهما فعل نظام القبيلة لتحصين نفسه، ومهما احتمى بالولايات المتحدة، فقد اثبتت كل تجارب البشرية بان ارادة الشعوب اقوى من ارادة الطغاة، وان التغيير سنة الحياة والمطلب الحيوي لكل المجتمعات·
واشارت التقارير الى ان النظام السعودي قد وظف اكثر من عامل لحماية سلطته الغاشمة، ولعل من اخطرها ثلاثة:
العامل الاول: هو (الدين) فسخر المؤسسة الدينية لخدمته وبامتياز، فمنذ بيعة كبيرهم لمؤسس الحزب الوهابي منذ قرابة الثلاثة عقود ولحد الان، وبالتحديد عام (1744) شرعنت المؤسسة الدينية كل عمليات القتل والتدمير والذبح والاغتصاب والنهب والاغارات التي ظلت تنفذها قوات آل سعود سواء في داخل الجزيرة العربية ضد بقية القبائل والاسر، او ضد الدول الاخرى، كما حصل عشرات المرات ضد العراق وشعبه في اكثر من مدينة وفي فترات تاريخية متفاوتة، ولعل من اكثرها جرما ودناءة هي غزوتهم لمدينة كربلاء المقدسة التي راح ضحيتها اكثر من 5 آلاف امرأة ورجل عجوز وطفل فيما سرقوا كل النفائس التي كانت تحتوي عليها خزائن العتبة الحسينية المقدسة وقتها، وهو يوم عيد الغدير الاغر، عندما خلت المدينة من رجالها الذين ذهبوا الى مدينة النجف الاشرف لزيارة مرقد اخي رسول الله الامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام، تاركين وراءهم في المدينة النساء والاطفال والشيوخ·
العامل الثاني: هو اموال البترودولار الطائلة جدا، والتي وظفها نظام القبيلة لشراء ذمم الماجورين تارة، ولتأسيس ودعم جماعات العنف والارهاب، وعلى راسها تنظيم القاعدة الارهابي، وما بات يعرف بالجهادية السلفية، تارة اخرى، وللتاثير على مجرى اتجاهات السياسة العامة، الدولية منها والاقليمية، من خلال بيع وشراء القادة والسياسيين في هذا البلد او ذاك، من جانب ثالث·
يقول السيد كورتين وينزر، السفير الاميركي السابق لدى كوستاريكا والمبعوث الخاص للشرق الاوسط في بداية عهد الرئيس الاميركي رونالد ريغن، في دراسة نشرها في مجلة (ميديل ايست مونيتر) عنوانها (السعودية والوهابية وانتشار الفاشية الدينية): ان زعيم تنظيم القاعدة الارهابي بن لادن وقع في منتصف التسعينيات من القرن الماضي اتفاقا مع الأمير تركي الفيصل المدير السابق للاستخبارات السعودية تلتزم فيه القاعدة بعدم مهاجمة المملكة ومسؤوليها مقابل الكف عن ملاحقة بن لادن شخصيا أو المساس بقنوات التمويل المالي للقاعدة·
وهذا يفسر سبب عدم تعرض المملكة لأي هجوم من القاعدة حتى أحداث 11 سبتمبر/ايلول، بعد قيام السلطات السعودية، تحت ضغط واشنطن، بملاحقة أنصار القاعدة ووقوع بعض المواجهات بين الشرطة والإسلاميين المسلحين بصورة متقطعة منذ مايو/ايار 2003، ولكن على الرغم من ذلك، يقول وينزر، أظهرت القاعدة التزاما باتفاقها مع المملكة ويفسر ذلك تنقل المئات من أفراد العائلة الملكية السعودية بكل حرية دونما خوف من الاغتيالات كما أن المنشآت النفطية السعودية لم تستهدف سوى مرة واحدة وبصورة طفيفة، ومقابل ذلك استمرت المملكة في دعم انتشار الوهابية ومدارسها التي استمرت هي الأخرى في تخريج متطوعين للقاعدة·
ويورد وينزر على لسان اليكسي اليكسيف أثناء جلسة الاستماع أمام لجنة العدل التابعة لمجلس الشيوخ في 26 يونيو/حزيران 2003 بأن (السعودية أنفقت 87 بليون دولار خلال العقدين الماضيين لنشر الوهابية في العالم) وأنه يعتقد بان مستوى التمويل قد ارتفع في العامين الماضيين نظرا لارتفاع أسعار النفط·
ويجري وينزر مقارنة بين هذا المستوى من الإنفاق بما أنفقه الحزب الشيوعي السوفياتي لنشر أيديولوجيته في العالم بين 1921 و1991 حيث لم يتجاوز الـ 7 بليون دولار·
ويلاحظ وينزر جهود نشر الوهابية في عدد من بلدان جنوب شرق اسيا وأفريقيا والدول الغربية من خلال بناء المساجد والمدارس الدينية والمشروعات الخيرية واستقطاب الشباب العاطل والمهاجرين في هذه البلدان·
وتقول هذه الدراسة إن خريجي المدارس الوهابية كانوا وراء الأعمال الإرهابية التي شهدتها عدد من دول العالم مثل تفجيرات لندن في يوليو/تموز 2005 واغتيال الفنان الهولندي تيودور فان جوخ عام 2004·
ويشير وينزر الى نشاط نشر الوهابية في الولايات المتحدة من خلال المساجد والمدارس التي تمولها السعودية·
ثالثا: العامل الثالث هو الاعلام الذي سعى نظام القبيلة الى شراء كل ادواته وعناصره، المقروء منه والمسموع والمرئي، ما استطاع الى ذلك سبيلا، ولذلك نرى اليوم بان هذا الاعلام المأجور والرخيص يركز على احداث ويتجاهل اخرى، فقد راينا كيف ان هذا الاعلام كذب وزور وضلل الكثير من تفاصيل الاحداث التي شهدتها ليبيا مثلا او اليمن من اجل تمرير اجندات نظام القبيلة هناك، والامر ذاته يتكرر اليوم في سوريا عندما جاءت الاوامر لهذا الاعلام تفرض عليه تبني الملف السوري كحراك دموي يعتمد القتل والذبح والتدمير، اما في البحرين وبعدها في السعودية فلم ينبس هذا الاعلام ببنت شفة لا من قريب ولا من بعيد·
كما راح هذا الاعلام المنافق يدور في فلك الاجندات الغربية والصهيونية بلا حياء، بل نراه يتفاخر بمواقفه هذه، لان ذلك هو الطريق الوحيد الذي عليه السير فيه لارضاء نظام القبيلة المطلوب منه ارضاء اسياده في واشنطن ولندن، وها هم اليوم يطالبون الناتو ومجلس الامن بالتدخل لاسقاط انظمة عربية، وبطريقة ظلت تعتبر الى الامس القريب كفراً وعمالة·
ان التغيير الجذري المرتقب في السعودية، سيحمي الديمقراطيات الناشئة في سائر البلاد العربية من مخاطر التدمير التي يبذلها نظام القبيلة السعودي الفاسد، لانه يرى فيها خطراً يهدده طال الزمان او قصر، كما ان مثل هذا التغيير سيساهم بشكل كبير في اشاعة العدالة الاجتماعية في عموم المنطقة، لانه سيفتح الطريق امام عملية تغيير نظام القبيلة الحاكم في دول الخليج وغيرها·

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.