الأوامرية الإسرائيلية والسيادة البولندية

israel-europe-flag

صحيفة الديار الأردنية ـ
مروان سوداح:  
تستمر بالتفاعل الفضيحة التي لم يبقَ أحداً في بولندا والعالم إلا وعرف بها أو سمع عنها: سفارة الكيان الإسرائيلي في بولندا تتدخل لمنع محاضرة لناشط فلسطيني الأصل في إحدى المدارس الثانوية حول “النزاع” العربي الصهيوني، فقد بدأت القصة وفقاً لروايات الإعلام العالمي، عندما ذكرت صحيفة الجمهورية البولندية اليومية بأن السفارة “الإسرائيلية” في العاصمة البولندية وارسو قد تسببت في منع قيام محاضرة في إحدى المدارس الثانوية في مدينة “تارنوف” في جنوب بولندا، بعد أن اتصلت بإدارة المدرسة، وأبلغتهم “بعدم جدوى” قيام تلك المحاضرة. وكان من المرجح أن يلتقي طلاب المدرسة بالناشط الفلسطيني الأصل عمر فارس رئيس الجمعية الثقافية الاجتماعية للبولنديين من ذوي الأصول الفلسطينية ليحدثهم عن “النزاع” الفلسطيني  الإسرائيلي.

وتقول الأنباء أن مديرة المدرسة “ماوكوجاتا فيشنيفسكا” قد صرّحت للإعلام بأن الهدف من تلك المحاضرة كان ضرورة تعريف الشباب بوجهة نظر الجانب الفلسطيني من “النزاع” القائم الآن في الشرق الأوسط، لأنه “في العادة نحن “نسمع طرف واحد فقط” من أطراف “النزاع”، وهو الجانب الإسرائيلي”. والمدرسة لديها “اتصالات جيدة” مع الجانب “الإسرائيلي” وحضروا إلينا في إطار التبادل الشبابي بين البلدين”.

غير أن النقاش حول هذا الأمر تم إلغاؤه بسبب تدّخل السفارة الإسرائيلية في وارسو “تلفونياً”، “وتخوّف” إدارة المدرسة من “التحذيرات” التي وجّهتها السفارة لهم. وتؤكد إدارة المدرسة بأن السفير “الإسرائيلي” “زيفي راف نير” هو الذي اتصل شخصياً بالمدرسة لمنع المحاضرة واتهم إدارة المدرسة بـ”معاداة السامية”، علماً بان إدارة المدرسة تتعاون منذ سنوات عديدة مع المنظمات الصهيونية وحصلت على “وسام التعاون” من معهد “ياد فاشيم” سيء الصيت في إسرائيل!!! .

هذه الحادثة تؤكد الدور الصهيوني الكبير لإسرائيل في بولندا إذ تستطيع سفارتها إلغاء فعالية بولندية داخلية بمكالمة هاتفية واحدة. كما تؤشّر على الدور المعادي للعرب ومصالح بولندا على امتداد التاريخين القديم والحديث، كما تكشف الحادثة عن الدور الحقيقي للسفارة الاسرائيلية واسرائيل في بولندا سيّما في التأثير السهل على البولنديين، ولجهة جرّ بولندا في سبيل معادٍ لروسيا ومصالح شعب بولندا ذاته كشعب دولة قريبة من روسيا جغرافياً وتربطها بها مصالح تاريخية. كما يبيّن الأمر أن تل أبيب لا تخجل من التدخل في شؤون الغير، في حين ترفض أن يتدخل أي طرف خارجي في قضاياها الاسرائيلية “الداخلية”. وتعيدنا هذه الحادثة الى تاريخ الصهيونية الطويل والآمر في بولندا، والدور السلبي الذي لعبه الصهاينة في الطائفة الموسوية البولندية، والتجييش في بولندا لصالح إقامة ما يُسمى بوطن قومي يهودي على تراب فلسطين. وفي ناحية أخرى يُستشف من التدخّل الاسرائيلي بأن تل أبيب ترى ضرورة الإبقاء على بولندا في قبضتها، وعدم السماح مطلقاً بوصول الرأي العام البولندي وسياسييه الى الحقائق حِيال القضية الفلسطينية والصراع الجاري في المنطقة الأوسطية، وخاصة حالياً عندما تواجه سورية تدخلاً دولياً وصهيونياً فظاً في شؤونها الداخلية، وتتكاثر سكاكين الإرهابيين التي تهدف الى ذبحها من الوريد الى الوريد ومِن بعدها دول المنطقة وشعوبها.
في “قضية المدرسة البولندية”، وتبقى تتفاعل الى الان، قالت مديرة المدرسة بأنها أبلغت الطلاب عن أسباب إلغاء المحاضرة، و.. “وعدت” بإقامة المحاضرة في وقت لاحق، ولكن.. “خارج مبني المدرسة”، وفي هذا دلالة على مدى سطوة الحركة الصهيونية على بولندا والسِلك التعليمي والتربوي والخارجية البولندية، وتأثيرها الحاسم على عددٍ من الوزارات البولندية السيادية، وبالتالي الأخذ برأي إسرائيل خلال رسم السياسات البولندية، فلا أزال أذكر كيف أن أحد نواب وزير الخارجية البولندي قال لي سابقاً في وارسو خلال إجتماعي به، بأن الاوروبيين الغربيين والولايات المتحدة واسرائيل تنظر إليهم كدولة هامشية وتابعة ومأمورة!.
*كاتب سياسي وصحفي.

تعليق 1
  1. مروان سوداح يقول

    شكرا جزيلا للصديق الاخ الاعلامي المتالق محمود ريا لنشر المقالة.. وامل ان تكون اطلالة للعرب على ما يجري في بولندا بشأن قضايانا المركزية..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.